٢. الأثر

29 3 0
                                    


طائفة راتيم هي طائفةٌ سرية تجهل شعوب مآرا أمرها على الأغلب.. أعدادهم قليلة، وتواجدهم ينحصر في تاهير حيث استحوذ الملك عليهم وحصر تعاملاتهم معه ومع العائلة المالكة.. في البدء كانت الطائفة قليلة العدد مجهولةً للآخرين حيث تعيش في أعالي السلسلة الجبلية شرق سافاي، لكن بعد أن تعامل الملك في شبابه مع أفرادٍ منهم، ورأى قدراتهم، عرض عليهم عرضاً لم يمكنهم رفضه.. أن ينقلهم جميعاً ليعيشوا في حيٍّ من أحياء تاهير، واعداً إياهم بعيشةٍ رغدة آماداً طويلة.. والمقابل هو منحه شباباً وفتياتٍ منهم ليعملوا حرساً سريين للعائلة المالكة.. منهم من يعيش في الظل مراقباً الملك أو أحد الأمراء لإنقاذه من أي شخصٍ قد يستهدف حياته أو حتى يحاول الإضرار به.. والفتيات يعملن كوصيفاتٍ للملكة والأميرات بهيئةٍ عادية، دون أن يغفلن عن أي محاولاتٍ مشابهة..

تتنوع قدرات أفراد الطائفة في رؤية مختلف أنواع الهالات حول الأشخاص، والتي في العادة تكسو الجسد كاملاً حسب الحالة النفسية لصاحبها.. لكن الأهم، حسب ما رأى الملك، هي الهالة التي توحي بأن ذلك الشخص ينتوي القيام بفعلٍ مؤذٍ لمن أمامه، وهي هالةٌ حمراء صارخة لا يخفيها ظلامٌ مدْلهمّ أو نورٌ مبهر.. وفي العقود الماضية تدرب شباب وفتيات الطائفة على تمييزها فور ظهورها والتصرف تبعاً لذلك في لحظاتٍ خاطفة.. وبذلك التدريب، اكتسبوا حساسيةً كبيرةً لها مكنتهم من حماية العائلة المالكة بكفاءةً نادرة..

وبسبب قدراتهم، فالملك حرص على إبقاء هويتهم سريةً حتى عن النبلاء وأغلب القادة، ولا يعرف بأمرهم إلا القلة، محتكراً قدراتهم لنفسه وعائلته.. ومن يمكنه لومه؟.. فقدرة طائفة راتيم قد قلصت محاولات الاغتيال بحيث لم تنجح إحداها قط خلال العقدين الماضيين، رغم تكرر تلك المحاولات لأسبابٍ أو لأخرى.. وأبرزها المحاولات الغريبة من أشخاصٍ لا تبدو الهالة إلا حول رؤوسهم بشكلٍ يخالف المألوف..

ورغم بحث الملك الحثيث، فإنه لم يعرف المتسبب بهذه المحاولات قط حتى انقطعت في الشهور الماضية.. والآن، مع عودتها المفاجئة، بدأ جومين يشعر بالقلق إزاء ذلك مع اشتداد المنافسة على العرش بينه وبين إخوته الأمراء.. لا يريد أن يفاجأ بضربةٍ غادرة قد تبعده عن صدراة هذه المنافسة.. لذا نقل هواجسه هذه لرئيس طائفة راتيم عند اجتماعه به، في قصرٍ أصغر من القصر الملكي يقع على أطراف تاهير بعيداً عن أي آذانٍ قد تنصت لهذا الحديث.. كان رئيس الطائفة مهتماً بأمر محاولات الاغتيال المريبة، وقد قال عاقداً حاجبيه بتفكير "علينا تسخير فرقةٍ للبحث سراً عن المتسببين بهذه المحاولات.. لقد عجز الرجال الذين وكّلهم الملك بذلك سابقاً، وانطوى الأمر بعيداً عن أذهاننا لتوقفها.. أما الآن، فلا يمكننا أن نسمح بعودة هذا العبث مجدداً دون أن نصل لقلبه.."

علق جومين الجالس أمامه قائلاً "أنا لم أبلغ الملك بعد بالأمر.. لكني أتيت إليك في أمرٍ آخر.."

قبائل الوهم ٢حيث تعيش القصص. اكتشف الآن