(ولا أنسى إحدى كلماته التي قالها لي حين سألته ذات يوم وأنا أقرأ معه في غرفة مكتبته:
يتغيّرون.. كما يتشكل الطين... الحياة تغيرهم... نظرتهم للحياة تتغير...
كنت أفكر وأتأمل ذلك وأقلب كلماته في رأسي حين وجدته يعقب بنفس ابتسامته الدافئة:
لم أكن مدركة حين...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
الفصل الأول (شعرٌ أسود)
|"بِنديكت"|:
(شعر أسود.. لا نراه إلا نادرا في بلادنا، لأن لا أحد من ذوي الشعور السوداء قد خرج من أرض قبيلته في تلك الجبال وانخرط معنا من قبل، جبال الذئاب... هي منطقتهم الخاصة التي يحظر على الآخرين الاقتراب منها، أناس منعزلون ولا نعرف عنهم شيئا....
بالكاد لدينا بعض الكتب القديمة التي تعد على الأصابع والتي تتحدث عنهم قليلا فقط.. ومعظمها مجرد بِضع نظريات وتخمينات فحسب....
أما الحقيقة فإنه حتى الذهاب والاقتراب من تلك الأراضي الجبليّة أمر محظور وخطير للغاية بسبب الذئاب الشرسة التي تملأ المكان هناك، وبسبب جهلنا بطبيعة وأسرار تلك القبيلة وما لديهم من إمكانيات وقوى.. فليس من الآمن افتعال حرب مع عدو لا نعلم عنهم شيئا....
وفوق ذلك... نحن منشغلين بالمشاكل التي بيننا وبين الشمال، لذا ليس لدينا قوة وإمكانية لتحَمل مشاكل أخرى مع مناطق أخرى
لهذا نحن نحاول الحفاظ على السلام والهدوء والعزلة والمسافة التي بيننا واحترام حدود الآخر وعدم تعدّيها قدر المستطاع، لكن أطراف غابة الجبال تلك مستثناة تقريبا.... البعض يمارس الصيد هناك في حدود معينة ولا يعاقَبون على ذلك
بالعودة لأمر تلك القبيلة الجبلية... موطنهم الأصلي لم يكن هنا، كان في بلاد بعيدة مثلجة هاجروا مبتعدين عنها بعد أن دمرت منازلهم كوارث طبيعية... هذا ما قالوه حين جاءوا أول مرة واستأذنوا لاستوطان ذلك الجبل الذي لم يكن يقربه أحد منذ البداية بسبب وفرة وكثرة الذئاب هناك...
رغم أنه تم تحذيرهم بشأن الذئاب هذه وأنه ليس من الآمن العيش في مكان كهذا.... لم يبالوا وذلك ما كان يثير غرابة الجميع، والأكثر غرابة أنهم استطاعوا بالفعل البقاء أحياء والعيش في مكان كذاك!!
لم يتعب أحد نفسه بالتفكير في الاقتراب منهم والتعرف عليهم بسبب هذه الأشياء المريبة التي تحيط بهم، ومن جهتهمْ أيضا لم نر أفرادا منهم يخرجون من هناك ويأتون إلينا سواء للزيارة أو تجارة أو ما شابه...
