الفصل الثامن عشر (الشرارة..)|"إيفي"|:
(<ها؟ كيف أجعل الناس يبتسمون؟>
قلت ذلك عَاقدة حواجبي باستغراب وقد توقفت يداي عن عملهما في تنسيق الزهور، حين طرحت لي "أماريليس" سؤالها الغريب ذاك فجأة...أومأتْ مؤكدة بوجهها عديم التعابير... لأقول ببساطة وأنا أعود لعملي:
<أعطيهم زهورا وحسب..>لبثت الفتاة صامتة للحظات ثم قالت:
<حقا؟.. هل يمكنني جعلهم يبتسمون بفعل ذلك فقط؟>
أجبتها دون أن أقطع عملي:
<نعم، يمكنك تجربة ذلك إن لم تصدقيني>لتصدمني أنها بالفعل اشترت من محلّنا بعضا من الزهور ثم وقفت في واجهة المحل تترقب قدوم أحدهم لتعطيه إياه!
وبالفعل.. ما إن رأت شخصا ما يسير بطبيعية وسلام اتجهت نحوه وقدمت له زهرة... ليرتسم الدهشة و التفاجؤ على وجه ذلك الفتى لوهلة....
ويبدو أنه ظن أنها فقط مجرد توزيعات... خاصة بملامح تلك الحمقاء الجامدة والتي لا تحمل أي تعابير ودودة مما يجعل الفتى يظن أنها تعطيه إياه مرغمة!!
لهذا هو لم يبتسم وفقط أخذها منه متوترا و مرتبكا وشكرها ثم مضى في طريقه...
هنا.. ظلت "أماريليس" تحدق بذلك الفتى الذي ذهب مغادرا دون أن يبتسم لها كما أرادت... وأتت نحوي وقالت بملامح بدت مستاءة ممتعضة بعض الشيء:
<لم يبتسم... هل كذبتِ عليّ؟>أردت الضحك حقا لكني تمالكت نفسي بشدة كي لا توسعني ضربا لأني أشعر بهالة غاضبة تحيط بها الآن!!
وأسرعت في تسويغ الأمر وتوضيحه وتبريره بقول:
<ه..هذا لأنك لم تبتسمي!! إذا أردت أن يبتسم لك الناس عليك أن تبتسمي لهم أنت أيضا! أحيانا لمجرد أنك ابتسمت لأجلهم يبتسمون تلقائيا!>صمتت للحظات وحدّقت بي مطولا كأنها تفكر مليا وبعمق فيما قلته! وحين أطالت في ذلك جعلتني أرتبك وقمت أديرها وأنا أقول:
<هيا اذهبي وجربي ذلك مجددا بدل التحديق بي هكذا!!>ذهبت حيث كانت تقف سابقا وهي شاردة الذهن ومترددة، ثم ظهر رجل طويل كان ينظر لدَفتر ما ويسير بعجَل
أنت تقرأ
"أماريليس"
Romance(ولا أنسى إحدى كلماته التي قالها لي حين سألته ذات يوم وأنا أقرأ معه في غرفة مكتبته: يتغيّرون.. كما يتشكل الطين... الحياة تغيرهم... نظرتهم للحياة تتغير... كنت أفكر وأتأمل ذلك وأقلب كلماته في رأسي حين وجدته يعقب بنفس ابتسامته الدافئة: لم أكن مدركة حين...