الفصل الثالث (صداقة مزيفة)
|"إيفي"|:
(لا شيء يكف عن تذكيري بكل تلك الصفحات القديمة رغم مرور السنين عليها...
الظلام.. رجل مفرط السمنة.. أماكن ضيقة... أشخاص قبيحين... جانحين.. مجموعة فتيات ضاحكات عابثات.. بت أكره وجوه البشر كلهم! هذه الوجوه المبتسمة بتكلف ومجاملة بشكل مقرف ومستفز... الأقنعة المزيفة الكاذبة... كل شيء أصبح يفقدني صوابي
لا أنسى غدر ومكر أولئك الفتيات الحقيرات.. وجعلي أقع ضحية اختطاف بشع ظل كابوسا يلاحقني سنين طويلة، عشتها في أسوأ أيام حياتي تحت تعذيب وعبث رجل بدين قبيح مقرف...
في وسط الظلام، مقيّدة مصابة بجروح وكدمات عديدة وملابس ممزقة... كان يأتيني كالوحش والكابوس كل يوم في غرفة الحجز تلك
لم يعلم بحالي أحد.. لم تأتني أية مساعدة... لم ينقذني و ينتشلني من ذلك العذاب أحد! لم يسمع ندائي وصراخي واستِغاثاتي أي أحد...كانت أسرتي مجرد أسرة مفككة عديمة الاكتراث ولا قيمة لدي عندهم.. لذا لم أجد أحدا ينقذني ويبحث عني حينئذ
بنفسي فقط... استطعت ببعض الحظ السعيد الذي لدي.. استطعت الهروب والخلاص من ذلك العذاب
لكن... من مصيبة إلى أخرى... أوقعتُ نفسي بكل غباء في مصيدة أخرى معتقدة أنه سيكون الملجأ لي
وهو كنيسة تدعي أنها ترعى وتعتني وترحب بالأيتام والمشردين... بينما في الحقيقة.. ما هي إلا مصيدة لصيد الضعفاء واستعبادهم وإفراغ أمراضهم النفسية عليهم
معظمهم كانوا أطفالا صغارا تم التخلي عنهم من قبل أهاليهم، وآخرون لاجئين مثلي..
عشت نوعا آخر من العذاب هناك، فمنذ دخلت إليهم لم يكن من السهل والبساطة الخروج منهم
لكني استطعت وفعلت ذلك... وهربت وتخلصت من ذلك الكابوس الآخر، لكن مقابل ذلك... كان علي أن أعاني التشرد والفقر والضياع وبرد الأجواء وتقلباتها وتلوثات البيئة والشوارع وتحمل القذارة في كل مكانكنت متجولة بلا هدف أبحث فقط عن لقمة العيش... حتى انتشلتني تلك اليد المنقذة الحانية
أنت تقرأ
"أماريليس"
Romance(ولا أنسى إحدى كلماته التي قالها لي حين سألته ذات يوم وأنا أقرأ معه في غرفة مكتبته: يتغيّرون.. كما يتشكل الطين... الحياة تغيرهم... نظرتهم للحياة تتغير... كنت أفكر وأتأمل ذلك وأقلب كلماته في رأسي حين وجدته يعقب بنفس ابتسامته الدافئة: لم أكن مدركة حين...