١- ملحمة راقصة

78 5 3
                                    


اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.



بنهار أحد أيام آيار وحيث تتكبد الشمس عنان السماء وترسل أشعتها إلى طريق غير معبد مليئ بالحفر والحجارة، كادت أن تتعثر صاحبة الرداء الريفي قديم الصنع والتصميم بلون الحياد الرمادي بينما خصلاتها بلون الكاكاو تتأرجح خلفها.

فقد مضت مدة زمنية من الركض المتواصل ترك أثره بحبيبات العرق المتصفدة فوق مسامات جبينها، مسحت بأعين متوترة المكان حولها، لم تجد سوى الفراغ.

على بعد أمتار لاحت هيئات الأعمدة الحديدية منتصبة بشموخ، تابعت ركضها بأنفاس لاهثة تستجدى الهواء بمدها بالطاقة كى تنجو ممن يتبعونها بمسافة أوشكت على النقصان.

تجمدت أمام البناء الحديدي الشاهق، يقف بخيلاء يتحدى جرأة من يسكنون أسفله أن يخترقوا هيمنته.

أزالت عرق جبينها بيدها الذي أفسد بياضها غبار الطريق، خُيريت بين استمرار الركض والقبض عليها؛ فلا منجد لها فى تلك الصحراء أو صعود الوحش الحديدي وكسر ما يفرضه من هلع داخل النفوس.

خاطرت وتسلقت القضبان المعدنية المتداخلة طولًا وعرضًا مكونة مثلثات عدة، عافرت لساعات بيديها الضعيفتين وحذائها الأبيض البالى إلى أن وصلت إلى قمة الجسر، جسر الحياة كما يطلق عليه.

ألقت بجسدها الهزيل على أحد متنه التى تكمل طريقها إلى أعلى كمسلة ضخمة شفافة تبث هواء بارد منعش معطر برائحة الياسمين.

على مقربة منها يتكأ ذهبى البشرة بمرفقيه على سور الجسر، يطالع الفراغ، يحتضن كأس من النبيذ يتجرعه بتوئدة، يحتضن جسده ملابس تطابق زى الأمراء بالعصور الوسطى سوداء اللون.

خصلاته الفحمية ترفعت عن جبينه، تحركها الرياح على استحياء جعلت خصلة تقبل جبهته برفق تزامنًا مع دنو إحدى فتيات الحفل الفاره، تعرض عليه الرقص. تجاهلها معيدًا مقلتيه البندقيتين إلى الفضاء الرحب أمامه دون اجابتها، تمتمت بمسبة غاضبة لم يلقى لها بالا فغادرة كتلة الجليد المتعالية متدرعًا بمكانتة والده ونفوذه.

نقل حدقتاه يمناه يتوقع رؤية مشهد مخل يجمع طرفين من أبناء طبقة شار الرفيعة بسبب الأنفاس المتلاحقة بلهاث، صادرة من تلك الجهة. انزاحت معالم التقزز والتهكم وأحتل التفاجؤ والإعجاب؛ فعوضًا عن شهود موقف تبادل القبل المتخيل والمتوقع من طرفه وقع بصره على فتاة مغبرة بفستان رمادى رث وحذاء حلبيي واهى.

قوانين آورالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن