ولكن فجأة ملأ صوت كارم الخيمة .. لم يكن صوته هادئا باردا كعادته، بل كان غاضبا ثائرا بشكل لم تتخيله .. كان يقول: أيتها الغبية .. سقطتك تلك ضيعت عليّ سنة كاملة من التحضير...
تجمدت من نبرة صوته تلك التي تختبرها لأول مرة .. وكأنه تحول لشخص اخر .. شُلَّ تفكيرها ولم تعرف بم تجيب او تتصرف ..
لكن الغريب ان كارم صمت تماما بعد ما قاله .. هدوء غريب ساد حتى ان اريانا ظنت انها توهمت .. او انها تحلم ..
قالت لنفسها انها ان كانت تحلم فالأفضل ان تستيقظ، فهذا ليس حلما مريحا ترغب في اكماله .. حثت نفسها على قطع الحلم والاستيقاظ، ولكن لم يحدث شيء مختلف ..قررت ان تتكلم .. بالتأكيد الكلام سيكشف إن كان هذا حلما ام لا..
قالت: كارم، هل قلت شيئا؟
للحظات لم تسمع شيء سوى اصوات نقيق بعض حشرات السافانا من بعيد ..
ولكن صوت كارم قطع الصمت: غبية وصماء أيضا؟!
إذا فهو ليس حلما .. هكذا حدثتها نفسها. ولكن مهلا .. هل ينعتها بالغبية؟!
للمرة الاولى تدرك اهانته لها .. تحولت المفاجأة الى غضب عارم بداخلها .. من يظن نفسه ليخاطبها هكذا؟!التفتت نحوه وقالت والشرر يتطاير من كلماتها: كيف تخاطبني بهذه الطريقة؟ .. هل جننت؟!
لم يبد على وجهه اي تغير، اذ ظل مغمضا عينيه وهو يقول: بل انت المجنونة .. عنادك الطفولي كلفنا كل شيء .. عندما امرتك بربط حذائك كان عليكِ ان تطيعي بلا مناقشة. انظري الان إلام قادتنا صبيانيتك..
صُعِقَت من مدى فظاظته وتبجحه، ووجدت نفسها تصرخ فيه: انا لم اقع بسبب حذائي.. ثم "تأمرني"؟! .. هل انا عبدتك وانت السيد؟! .. أنت مجرد....
لم تكمل حديثها إذ انكتمت انفاسها فجأة .. انكتمت انفاسها بسبب اليد التي وُضِعَت على فمها .. كانت يد كارم نفسه..
اللعنة .. قالت لنفسها .. هل وصل الامر لهذا الحد؟! .. لا يجد ما يرد به عليها فيسكتها بيده؟ ..
امسكت بذراعه ودفعته بعيدا بكل قوتها وعادت لتقول: ما هذا الذي فعلته ايها ال...ولكن كفه عادت في سرعة لتحيط بفمها وتكتمه، وشعرت برأسه تقترب منها وانفاسه ترتطم بأذنها وهو يهمس: اخرسي ايتها المعتوهة .. هناك شيء يقترب خارج الخيمة...
أنت تقرأ
ساڤانا (+١٨)
Romanceمصوران، رجل وأنثى، يعملان لقناة ناشيونال چيوجرافيك. يصوران حدثا نادرا للحياة البرية في حشائش الساڤانا. ولكن الأحداث تضطرهما للاقتراب سويا، وربما أكثر من اللازم.