1

50.1K 307 12
                                    

بالكاد تحافظ على توازنها. فتاة في اوائل عشريناتها، ما الذي يجبرها على تسلق إحدى الأشجار والإمساك بكاميرا والجلوس ساكنة لساعات دون حراك، مخاطرة بأن تسقط ويندق عنقها .. وتموت..؟!

كان ينظر ناحيتها بتعجب .. ألم يكن من الأفضل أن يرسلوا معه مصورا محترفا ككل مرة؟ .. ثم ألم يجدوا سوى تلك الفتاة الخرقاء التتي تتعثر في رباط حذائها ليعينوها في مهمة تقتضي الجلوس على فروع الاشجار لساعات وساعات؟!

فتاة سمراء رفيعة ترتدي ثلاث طبقات من الملابس بالرغم من حر الساڤانا. فتاة لا تضع أي مساحيق تجميل وتعقص شعرها خلف رأسها برباط مطاطي قبيح. فتاة ترتدي حذاء متربا عالي الرقبة والذي -للسخرية- لا يزال رباطه مفكوكا.

يقول لها: رباط حذائك يحتاج للربط

تنظر له بقرف وكأنه أهانها وتقول: شكرا
ثم تتجاهل ربط الحذاء

يهز رأسه في استغراب ويقول مرة أخرى: اربطيه حتى لا تتعثري ثانية.

تستغرق في التحديق في كاميرتها وتجيب دون ان تنظر ناحيته: أعتقد ان هذا حذائي وأنا حرة في ربطه او عدم ربطه.

ارتفع ضغط دمه من الغيظ وقال بحدة: لا لست حرة.

رفعت عينها عن الكاميرا ونظرت له في غضب، فتحت فمها لتجيبه ولكنه أكمل حديثه: طالما نحن معا في هذه المهمة، فليس أحد منا حر بمعزل عن الاخر.

قالت في غضب اكثر: ما الذي...

ولكنه قاطعها قائلا: إن تعثرتي وسقطتي من هذا الارتفاع، ستموتين لا محالة. قد تظنين ان حياتك تخصك وحدك ولكنها الآن ليست كذلك. إن سقطتي اولا ستجذبين أنظار الحيوانات وبالتالي سيهربون وسيضيع مجهود شهور من التحضير، وثانيا سأضطر لإكمال العمل وحدي وأنت تعرفين ان العمل يحتاج فردين على الاقل بسبب تعقيد الكاميرات. فأرجو أن تلقي بالعنجهية جانبا وتتفضلي بربط حذائك.

كانت تنظر إليه ويكاد الشرر يتطاير من عينيها. وسيطرت عليها فكرة أن تبصق عليه وليكن ما يكون. نعم إنه رئيسها، ونعم كانت تنتظر تلك الفرصة لتصوير موسم تزاوج وحيد القرن الأسود منذ سنوات. ونعم -للأسف- كلامه منطقي. لكن لهجته كانت تثير جنونها وكأن هناك ألف شيطان مشتعل الذيل يجري في عقلها.

في النهاية ابتسمت ابتسامة بسيطة .. ثم قامت بفك رباط الحذاء الآخر ونظرت له في تحدي وهو يبدو عليه أنه سيصاب بأزمة قلبية من تصرفها.

ساڤانا (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن