11

30.5K 263 16
                                    

شعرت بامتنان بالغ ناحيته .. لقد انقذ حياتها .. ثانية ..
تسللت ابتسامة خجلة إلى شفتيها وفتحت فاها لتقول شيئا ولكن صوت ما قاطعها ..

كان الصوت قادم من أسفل الشجرة .. كان صوت تحطم .. تحطم الكاميرا...

تلاقت عينا كارم مع عيني أريانا .. بدا أن الزمن قد تجمد .. الكرة الأرضية توقفت عن الدوران وعم السكون كل شيء..
لوهلة شعرت أريانا بالرعب من عينا كارم اللتان اكتسبتا طابعا زجاجيا .. لا يظهر عليهما أي شعور من أي نوع وهذا -في الحقيقة- كان مخيفا أكثر..
لوهلة أيقنت أن جسدها لا بد سيتبع الكاميرا ويتحطم معها أسفل الشجرة. جسدها كله معلق بأصابع كارم التي تمسم بمعصمها. كارم الذي كان -بلا شك- مشتعلا بالغضب بالتأكيد سيترك معصمها. لقد تسببت ليس فقط في خسارته لمجهود عام كامل بل أيضا ثمن الكاميرا الاحترافية الباهظ.
أغمضت أريانا عيناها في استسلام .. لا شيء في وسعها لتفعله الآن .. أي مقاومة لن تجدي .. حتى انها شعرت أنها تستحق ذلك إلى حد كبير..

ولكنها وجدت جسدها يرتفع لأعلى بدلا من أن يسقط لأسفل. فتحت عيناها لتجد كارم يجاهد ليرفع جسدها ويده الاخرى تكاد تنغرس في جذع الشجرة. لم تفهم، ولكنها تشبثت بيدها الاخرى في ذراعه الممدود وحاولت تذكر أي من دروس الجمباز التي اخذتها في طفولتها لتقوِس وسطها ورجليها وتلفهم حول جذع الشجرة.
بعد محاولات معقدة نجحا وجلست مرة أخرى على غصنها السابق وهما يلهثان في قوة وعرق التوتر والمجهود يغمرهما.

سألها كارم: هل أنت بخير؟

احتاجت عدة ثواني لتستطيع أن تقول بأنفاس متقطعة: ن.. نعم.. بخ.. بخير  .. ششكرا لك.. لقد.. أن.. أنقذت .. حياتي..

هز كارم رأسه نفيا وقال: لم أفعل شيئا.
ثم نظر لأسفل وأكمل: لقد كاد قلبي ان يتوقف..

نظرت بدورها لأسفل حيث بقايا الكاميرا المتناثرة وكان المنظر لا يبشر بأي أمل، ثم رفعت عيناها ناحيته وقالت في خوف: أنا آسفة..

قال كارم في لهجة محايدة: لنتكلم فيما بعد، هل تستطيعين النزول الان ام تحتاجين لبضع دقائق اخرى؟

كان قلبها لا يزال ينبض في عنف، ولكنها قالت أنها تستطيع النزول..

وضع كارم كاميرته في حرص داخل حقيبة ظهره وارتداها، ثم في حرص أكبر نزل ببطء حتى وصل للأرض.

ارتدت أريانا حقيبتها شبه الخاوية ونزلت ببطء بالغ حتى انها شعرت ان نزولها استغرق سنوات، حتى شعرت بكفي كارم تمسك بكتفيها بلطف ويحملها منزلا إياها المتران الاخيران للارض وهو يهمس: ها قد وصلتي.

ثم وجدت كارم يجثو على الارض ويتفحص بيديه بقايا الكاميرا، ثم يفتح حقيبته ويضع القطع المهشمة بتؤدة بالغة فيها حتى بدا وكأنه يؤدي طقوسا دينية تستلزم الكثير من الخشوع.
جثت أريانا بجانبه والذنب يعتصر قلبها، ثم مدت يدها لتساعده. ولكنها توقفت فجأة إذ رأت تحذيرا عنيفا في عيني كارم اللتان نظرتا لها، وامتلأ قلبها بالخوف مرة أخرى عندما سمعته يقول بلهجة آمرة: ابتعدي.

ساڤانا (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن