الفصل السابع

440 46 7
                                    

نتقابل يوم السبت

الفصل السابع

دلف إلى شقته وهو يحملها بين ذراعيه .. جثه فاقده للحياة .. وجهها شاحب لدرجة تؤلم القلب .. ويدها بها عدة ثقوب من أثر أنيابه عليها .. وكان هو في حال يرثى لها .. عيونه مازالت حمراء لكنها أيضاً باكيه .. فمه ملوث بالدماء لكن الحزن يكسوا وجهه
عقله لم يهدء لحظة واحده عن التفكير في سبب إنتحارها .. وهل له دخل في ذلك؟ عقله يكاد ينفجر حتى أنه لم يهتم أن ينظر إلى هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين .. وضعها على الأريكة الكبيرة و جلس أرضاً أمامها ينظر إلى وجهها و بداخله يتوسلها أن تفتح عيونها .. يعلم أن ما فعله ذنب لا يغتفر ومن المؤكد هي لن تسامحه .. كيف تسامحه وقد حولها لوحش .. من يقبل أن يتحول لوحش من يقبل أن يصبح الدم هو وجبته الأساسية .. من يقبل أن يتحول إلى حيوان تتحكم فيه غريزة الصيد وشرب الدماء
أغمض عينيه وهو يفكر .. أنهم لم ينجوا بعد من خطأ أسد وها هو يقع في نفس الخطأ .. ولكن ما هذة القوانين التي تجعلك تترك حبيبك في خطر حتى تلتزم بها .. فلتذهب القوانين إلى الجحيم .. ولتذهب العشيرة بأكملها مقابل أن تبقى شيراز في حياته و أن تبقى بخير
إبتلع ريقه وهو يغمض عينيه بأستمتاع فمازال مذاق دمائها في حلقه .. وهذا جعله ينتبه لحاله ومظهره ليقف سريعاً متوجهاً إلى الحمام حتى يأخذ حمام ينظف به جسده بالكامل و بعد عدة دقائق خرج وأرتدى ملابسه و أخذ معه الأغراض وتوجه إليها .. كانت على حالها لم يجد عليها جديد ... جلس من جديد في نفس مكانه و بدء في تنظيف جراحها .. ومسح الدماء عن وجهها وذراعيها .. حتى أن هناك بعض قطرات كانت فوق ساقيها ... و لكن فستانها به الكثير من الدماء ولا يستطيع تركه هكذا حتى إذا أستيقظت لا تصدم بهذا المظهر .. و يستطيع هو شرح الأمر لها بهدوء
توجه إلى غرفته يبحث عن شيء مناسب لها حتى ينظف ملابسها .. وجد بنطال قصير وبلوزه رقيقة كانت لأحدى صديقاته .. كان يبدل لها ملابسها وعيونه رغما عنه تتجرء على جسدها الذي شغل تفكيره لعده ليالِ .. وكم أرهقه التفكير فيه .. لكن حبها الكبير الذي يسكن قلبه جعله يتوقف عند هذا الحد وفقط .. مجرد نظرات .. وحين أنتهى أخذ نفس عميقا فهو كان يكتم أنفاسه خوفاً منها .. و كأنها تشعر به .. هو حتى الأن لا يعلم إذا كانت ستعود له حتى ولو في هيئة وحش يريد تصفي دمائه لأخر قطره
أحنى رأسه قليلاً وأخذ عدة أنفاس متتاليه ثم همس قائلاً
- أعشقك شيراز .. الأن أنا أعترف بأن قلبي المتحجر داخل صدري قد عاد له النبض بفضلك .. وأصبح له دقات ونبض .. أنتِ الأن سبب بقائي على قيد الحياة وحياتي ملك لك.
وأنحنى يقبل يدها المستريحه فوق الأريكة .. ثم توجه إلى الحمام ينظف لها فستانها من الدماء .. ثم عاد يجلس أسفل قدميها ينتظرها أن تفتح عينيها تطمئنه على عوده روحه إلى جسده.
*******************
غادر أسد باب القصر يبحث بعينيه عن دانيال .. رغم أن دانيال من أبناء عائلة الخدم إلا أنه يرى به شيء مميز .. ويعتبره صديق رغم أن هذا أيضاً ممنوع لكن من يهتم الأن .. لقد كسر القاعدة الأكبر والأهم .. وجده يجلس أرضا يستند بظهره للسيارة الكبيرة الخاصة بوالدته و أمامه نار كبيرة .. وبين يده كأس مشروب .. أقترب منه ووقف أمامه ليترك ما بيده ووقف سريعاً وأنحنى وهو يقول
- سيدي
- أهدء دانيال .. الأن أنا أسد فقط ..أريد أن أجلس معك .. وأحتسي بعض المشروب وأتحدث عن كل ما بداخلي لصديق حقيقي .. يشاركني ذلك الألم الذي يكاد يقتلني خوفاً على كل من أحب.
قال أسد وهو يقف بجانب دانيال يستند على السيارة ليقول دانيال بأبتسامه صغيرة
- أنت تقوم بكل ما تستطيع فعله من أجل العشيرة و من أجل عائلتك .. وأعتقد أن هذا شيء كبير
أبتسم أسد ببعض الألم وهو يقول
- هل تعتقد ذلك دانيال؟ إذاً لماذا أنا أشعر بالخوف .. وأشعر بالتقصير
عاد دانيال ليجلس أرضًا كما كان وبدء في صب المشروب ورفع يده بالكأس لأسد الذي جلس بجانبه بعد أن تناول الكأس من يده وقال
- قادة العشيرة قادمون .. أشعر بهم .. الحرب التي كنت أحاول تفاديها منذ أصبحت ألفا
أخذ نفس عميق ثم أكمل بهمس
- دائماً كان يخبرني أن هناك أعداء لنا داخل العشيرة .. أكثر من الذئاب .. دائماً كان يقول لي أحذر من عدوك مره ومن صديقك ألف مره .
- هل تقصد سيدى البارون؟
سأله دانيال بأهتمام .. ليومئ أسد بنعم وأكمل قائلاً
- لكي تستمر هذه العشيرة في سلام لابد أن يحدث أنقلاب .. أن تعاد صياغة القوانين أن تتبدل قادة العشيرة اللذين يجلسون في تلك المغاره البعيدة .. يتحكمون بنا بنفس عقولهم الحجريه التي لم ولن تتغير أبدا
أعتدل دانيال جالسا على ركبتيه وهو يقول
- سيدي جميعنا خلفك .. ورهن أشارتك .. وعلى أستعداد للتضحيه بكل ما نملك من أجلك
ليضع أسد يده على كتفه وقال بأمر يحمل الكثير من الرجاء
- أريدك أن تحمي أمي وجاكلين مهما كلف الأمر .. هل أستطيع أن أثق بك؟
أحنى دانيال رأسه بأحترام وقال بثقه
- أفديهم بحياتي سيدي ولن يمسهم سوء قبل أن يمر هذا السوء من فوق جسدي.
أخذ أسد نفس عميق ببعض الراحه وهو يهمس لنفسه
وأنا سوف أحمي هانيبال .. وبنجاتها نجونا جميعاً.. ومن الجيد أن لا أحد يعلم من هي؟ أو من تكون.
******************
تجلس على سريرها تنظر إلى السماء الملبده بالغيوم .. وعقلها يعيد حديثها مع يعقوب .. أخذت نفس عميق وصوته يتردد داخل أًذنها
- ماذا حدث جوزال؟
صمتت لثوانِ ثم قالت
- أبني في خطر كبير يعقوب .. أنا بحاجه إليك لابد أن نغلق أبواب الخلاف والأختلاف
كانت تتحدث وكل ما حدث قديماً يمر أمام عينيها كأنها تراه الأن يحدث .. حقيقة مجسمه .. أنتبهت من أفكارها على صوته وهو يقول
- من أجلك جوزال أقيم الحروب و أنهي العالم .. وأقتل كل من يقف أمامك.
- لم تخيب ظني بك يومًا يعقوب
قالتها بصوت هامس لكنه صادق وصل إلى قلبه الذي نبض بقلبها قديمًا ولم يتوقف يومًا عن ذلك الحب .. حتى أنه قبل بقوانين قبيلته وعشيرتها .. ووافق على أن يبقوا بعيدين تمامًا .. حتى إذا قابل أحدهم الأخر من يقتل الثاني أولا يصبح بطل كبير في مجتمعه
أنهى المحادثه معها قائلاً
- أريد أن أراكِ جوزال .. لابد أن أفهم ماذا يحدث؟ متى يناسبك؟
- غداً .. في تمام العاشرة صباحًا .. في مكاننا القديم
أجابته كما كان يتمنى ليبتسم إبتسامة جانبيه جذابه وقال
سأكون في أنتظارك سيدتي جوزال .. إلى اللقاء
- إلى اللقاء يعقوب
أجابته وأغلقت الهاتف وهي تجلس على طرف السرير كأنها تريد إلتقاط أنفاسها بعد سير طويل دون أنقطاع.
أما هو فكان يشعر بسعاده لا يستطيع أحد وصفها .. ومن جديد عاد قلبه الذي كان توقف منذ زمن .. عاد يضخ الدماء في عروقه ينعش حياته بنسمات تعينه على شقاء سنواته في فراقها .. والحكم القاسي الذي قسم قلبه إلى نصفين .. نصف تركه معها والأخر معه حتى يظل على قيد الحياة .. و كأنه كان ينتظر هذة اللحظة منذ سنوات .. أن تحتاج له .. أن تتصل به كما تعاهدا .. أن تتصل به حين تحتاجه دون لحظه تردد .. وهو أبدا لن يخذلها.

أسير دمائهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن