الفصل الرابع
__سهم يُصيب القلب__
طرقت الباب فسمعت صوت (عليّة) يأمرها بالدخول، دخلت بهدوء ووقفت تنتظر أوامرها بينما رفعت (عليّة) عينيّها عن الملفات التي كانت تراجعها، تأملت (آية) بنظرة متفحصة للحظات أثارت اضطرابها وتساؤلاتها ،لتقول (عليّة)بهدوء:
_تعالي يا آية أقعدي!اقتربت (آية) من المكتب بتوتر وجلست تطالعها مترقبة تخشى أن تُصرفها فتصبح بلا عمل كما صارت بلا مأوى.
قالت (عليّة)بهدوء:
_إنتِ عارفة إن هشام ابني عمل حادثة عملتله شلل نصفي مش كدة؟!أومأت (آية) برأسها لتستطرد (عليّة)قائلة:
_الحقيقة هو رافض كل الممرضات اللي اشتغلوا عندنا وطفشهم واحدة ورا التانية.عقدت (آية) حاجبيها، هي تعلم كل ذلك ولكنها لا تعلم لما تخبرها السيدة (عليّة) بهذا الكلام لتجيبها(عليّة)قائلة:
_إيه رأيك لو بقيتي إنتِ الممرضة بتاعته وجليسته؟اتسعت عينا (آية)بصدمة لتستطرد (عليّة)قائلة:
_إنتِ سنة خامسة طب يعني أكيد عندك خبرة كافية بالتمريض ده غير إنك أكيد محتاجة الفلوس والوظيفة أجرها كويس جدا بتهيألي هتكون أحسنلك كتير من إنك تشتغلي مع نجاة في المطبخ.أثار حنق (آية) تلك اللهجة المتعالية في نبرات (عليّة)ولكنها تغاضت عن ذلك لحاجتها إلى العمل بينما (عليّة) تواصل قائلة:
_الفرق بس هو إنك هتضطري تباتي معانا، هتقعدي في الأوضة اللي جنب أوضته لإنه بياخد علاج بالليل..ها..قلتِ إيه؟مأوى لها خلال الليل وزيادة في راتبها ربما تلك الفكرة ليست سيئة على الإطلاق كما بدت لها في البداية، هي تعلم أن الإبن الأصغر لهذه العائلة صعب المراس ويضايق ممرضاته حتى يهربن بجلدهن ولكنها بالتأكيد لن تستسلم بسهولة فوظيفة كتلك في مثل ظروفها تستحق المكافحة من أجلها.
كتبت في دفترها بعض الملاحظات ومنحتها (عليّة) التي قرأتها بصوت عال:
_..إزاي هتعامل معاه وأنا مبتكلمش؟ وكمان فيه مشكلة تانية..أنا بروح الكلية الصبح فمين هيعتني بيه في الفترة دي؟
منحتها(عليّة)مفكرتها وقالت:
_هشام أصلا مبيحبش الكلام الكتير وتعاملك معاه زي تعاملك معانا بالظبط من خلال الكتابة، أما فترة الصبح واللي بتكوني فيها في الكلية فبيكون فيها هشام نايم ..يعني تقريبا مفيش مشاكل.
أومأت (آية) برأسها لتقول(عليّة):
_أفهم من كدة إنك موافقة؟هزت (آية) رأسها مرة ثانية لتقول(عليّة)بإرتياح:
_تمام قوي كدة، تعالي بقى لما أعرفك بهشام عشان تبتدي مهمتك.أسرّت (آية) في نفسها "على طول كدة طب إديني فرصة أستوعب" ضمت تلك الكلمات بين ضلوعها ولم تجرؤ على الاعتراض تتبع السيدة إلى حجرة(هشام)تخشى الآتي المجهول الذي زجت بنفسها فيه ولكنها تؤمن أنه أفضل ما يمكنها الحصول عليه ففي صلاتها بالأمس دعت الله بأن يعوضها خيرا فجاءت تلك الوظيفة التي تبدو حافلة بالمتاعب ولكنها تدرك أنها عوض الله لها بالمأوى ...لم تدرِ وقتها أن عوض الله أكبر بكثير مما تتخيل.
أنت تقرأ
قِسمتي
عاطفيةأن يحيطوك علماً بأن كارثة على وشك الحدوث شيئا قد يخفف عنك تِبعاتها ،لإنك تحاول قدر الإمكان الإستعداد لها..لكن أن تُصيبك الكارثة فجأة كزلزال مفاجئ أنت غير مستعد له على الإطلاق فهذا شيء آخر،فقد يحطم كل ماتملك ويحرق كل مايهمك والأخطر أنه قد يُرديك...