الفصل الثامن

917 105 43
                                    

الفصل الثامن

___فقط لو كانت عصفوراً___

قال(مراد)بحيرة:
_بس أنا برضه لسة مش فاهم حاجة خالص.

نهضت(عليّة) من خلف المكتب واستدارت لتجلس علي  كرسيّ أمامه تمسك يديه بيديها قائلة:
_مش هتفهم كل حاجة في يوم وليلة يا مراد، أنا جنبك وفي ضهرك و واحدة واحدة هفهمك متقلقش ،بدر دوقتي بيرجع كل حاجة زي ما كانت قبل ما تختفي وبعدها هنكون مع بعض عشان ندير الشركة ولو وقف في إيدك أي حاجة، يا سيدي متتعبش نفسك..ابقى إعملي توكيل وأنا أكملها عادي، ما أنا وإنت واحد ..ولا إيه؟

هز رأسه قائلا بابتسامة باهتة:
_أكيد.

ابتسمت بدورها قبل أن تقول:
-كويس قوي، كفاية بقى عليك كدة النهاردة وإطلع إرتاح حبة،  بدر هييجي بالليل عشان يمضيك على شوية أوراق مهمة في الشغل.

أومأ برأسه ونهض مغادراً الحجرة بهدوء تتابعه(عليّة)بعينيها قبل أن تنهض وتعود إلى مكانها خلف المكتب، تجلس على كرسيها وتتراجع برأسها تستند عليه وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة ارتياح.

____________

توقف في مكانه متسمراً وهو يرى فتاة رائعة الجمال بشعر أشقر قصير وعيون رمادية تشبه عينا والدتهما، ليوقن أنها (إيمان)-أخته التي لم يرها حتى الآن- ظهرت الصدمة على ملامحها للحظة وهي تتجمد في مكانها بدورها، بينما ابتسم وهو يقترب منها  يمد يده إليها قائلا:
-إنتِ إيمان مش كدة؟!

اتسعت عيناها بقوة وهي تطالعه، ليعقد حاجبيه قائلا:
_مالك يا إيمان؟ أنا مراد أخوك، مش هتسلمي عليا ولا إيه؟

اختفت الصدمة من ملامحها في تلك اللحظة ليحل محلها برودة كالجليد، تجاهلت يده الممدودة إليها وهي تقول:
_آه..أهلا..عن إذنك بقى لإني مستعجلة.

ثم أكملت طريقها إلى الخارج دون أن تنتظر رده، أعاد يده إلى جواره و زاد انعقاد حاجبيه وهو يتابعها بعينيه قبل أن يلمح (نجاة) ليناديها قائلا:
_من فضلك! انتِ لو سمحتي ....

اقتربت منه (نجاة) وفي عيونها استقرت تلك النظرة المصدومة مجددا والتي كادت أن تطيح ببقايا ثباته، فقد ملّ تلك النظرة وأصبحت تثير حنقه بقوة، لتقول هي بنبرة مرتعشة :
_ نجاة يا بيه، تؤمرني بحاجة ؟

تمالك نفسه بصعوبة قائلا:
_ممكن تدليني على أوضة هشام أخويا؟

أشارت إلى باب قريب قائلة بوجل:
_ أول أوضة على اليمين.

هز رأسه متمتما:
_متشكر قوي.

تجاهل نظرتها المصدومة تلك، وهو يزفر بقوة متجها إلى حيث توجد حجرة أخيه.

____________

تأملت هذا العصفور الصغير الذي يقف قريبا منها على سور شرفتها، كم هو جميل حقا.. يقف آمنا ويطالعها بصمت، يحرك رأسه يميناً ويسارًا،يطالع محيطه ثم يعود إليها بناظريه، مدت يدها إليه تحاول أن تلمس جناحه، فطار محلقا بعيدا عنها إلى السماء الواسعة، تابعته بعينيها بإحباط ما لبث أن تحول إلى سعادة.
نعم. كانت تريده بين يديها ولكن ما أراحها وأسعدها هو شعورها بأن حريته وانطلاقه بلا حدود يسعدانه أكثر من أن يكون بين يدين قد تمنحانه الرعاية والاهتمام ولكنهما ستقيدانه وتسلبانه الحرية التي أنعم الله بها عليه.
تنهدت وهي تشعر بقلبها يغبطه على تلك السعادة، تتمنى فقط لو كانت مثله..
حرة بلا قيود..
تنطلق دون حدود...
تعيش السعادة ولو ليوم واحد.... يوم واحد فقط.
_______________

قِسمتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن