الفصل الأول

2.4K 118 46
                                    

الفصل الأول

___نفوس مكبلة بالقيود___

وقفت تتطلع إلى السماء الزرقاء الصافية..

شاسعة تلك السماء ،تضم بين جنباتها عالم واسع،نجوم وسحب،طيور تنعم بالحرية تحلق فى فضاء بلا حدود او قيود....

أخذت نفسا عميقا شعرت فيه بنسمات الحرية تجتاحها،هي لم تشعر قط أنها حرة،دائما مكبلة بالقيود..تسللت نسمات الحرية  إلى حياتها....فقط فى غيابه.

إقشعر بدنها وصورته تطل فى رأسها،تجبرها على العودة بذكرياتها إليه...
إلى هذا الذى تفنن فى تعذيبها ...
هذا الذى لم يمنحها الحب،الأمان،والوطن ..
الذى لم يظهر فى حياتها كفارس عاشق كما حلمت دوما.....
بل خالف صورته المعتادة تماما وحطم أحلامها جميعا عندما أذاقها البرودة والقسوة وجعلها تدرك الآن شيئا واحدا.......هي أفضل حالا دونه بالتأكيد.

تنهدت تنفض عنها ذكراه،تجبر روحها على العودة إلى الطبيعة وتذوق نسمات الحرية من جديد،تأخذ نفسا عميقا وهي تغمض عيناها ،تتمنى فى قرارة نفسها أن تعيش كل ماحرمت منه ولكنها للأسف تدرك أنها لتفعل ذلك يجب أن تخرج من هذا المنزل إلى الأبد فلا يوجد هنا من يشجعها على البقاء به.
فقاطنيه مجموعة من القساة المتكبرين الذين يطأون بأقدامهم على الأضعف منهم ويصور لهم غرورهم أنهم الأفضل،هي لا تستطيع أن تعيش مع أمثالهم من البشر،حتى صديقها الوحيد فى هذا المنزل قد تخلى عنها منذ إصابته فى هذا الحادث.
فى الواقع ولتكن صادقة مع نفسها..هو لم يتخلى عنها فحسب،بل تخلى عن الجميع وتقوقع داخل غرفته ،يرفض إهتمامهم به ظنا منه أنهم يهتمون به بدافع من الشفقة...فقط.

تبا.. ماالذى يحدث لها؟
شعور عميق بالفراغ رغم إحاطتها بالكثيرين، تشعر بالوحدة تغمرها،تبغى الرحيل خاصة بعد إختفاء زوجها منذ ثلاثة أشهر-هذا الرجل الذى كبلتها دوماً قيوده-آن الأوان لكسر هذه القيود والعودة لمنزل عمها.

زفرت بقوة..
هي لا تستطيع الرحيل فى الوقت الحالى فعمها مسافرا للخارج منذ أربعة أشهر فى رحلة للعلاج مع زوجته المريضة وبقي فقط شهران ويعودان للوطن...لذا ستتحمل حتى يعود عمها وتعود معه هي....للحياة.

إنتفضت على صوت طرقات على الباب،دلفت من الشرفة إلى الحجرة تسمح للطارق بالدلوف،دخلت الخادمة_تلك السيدة الطيبة (نجاة)_تقول لها بإحترام:
-عليّة هانم عايزاكى بسرعة ياست قسمة .

أومأت(قسمة)برأسها قائلة بإبتسامة باهتة:
-طيب إسبقينى يادادة وأنا نازلالها حالا.

أومأت الخادمة برأسها بطيبة قبل أن تغادر،لتقف (قسمة )أمام المرآة،تعدل وضع حجابها وتخفى بعض خصلاتها البنية الناعمة والتى شردت خارجه قبل أن تتنهد وتستدير مغادرة بدورها ،تتجه إلى حيث حماتها التى تنتظرها بالأسفل فى حجرة المكتب الخاصة بزوجها والتى تقيم بها منذ إختفاؤه،تتساءل متوجسة عن سر طلبها رؤيتها بتلك السرعة وهي تتجنبها قدر المستطاع ، تعلم بكل يقينها أن حماتها لا تكن لها مشاعر الود ولم تكن ترغب أبدا فى تزويجها ل(مراد)بل رضخت فقط لرغبة ولدها حين علمت أن نفوذ عمها سيساعدهم فى عملهم،وكم آلمتها هذه الحقيقة التى أخبرتها بها أخت زوجها فى لحظة شماتة منها،لتكتشف وقتها أن زواج(مراد)بها كان فقط من أجل المصلحة....وياله من إكتشاف.

قِسمتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن