الفصل الرابع عشر

930 93 45
                                    

الفصل الرابع عشر

_جروح تنزف بصمت _

أحياناً كثيرة تحمد الله على هذا الصمت الذي يعتريك..
فالصمت لغة حين تجد أن كل ما يحدث حولك لن يؤثر فيه كلمات ترغب البوح بها...
حين تدرك ان الصرخات الملتاعة في قلبك لا جدوى أبداً من إطلاق سراحها...
ولن تسعفك الكلمات حتى لوصفها...
وقتها تعشق الصمت ويصبح حتما إدماناً..
تتقوقع كلماتك في كهف قلبك...
تلوذ به من ماض قاسية خُطواته ومن حاضر مشوه المعالم ومن مستقبل مجهول حالك الطرقات ...
تلوذ به من جروح تنزف وخِذلان لا يُحتمل.. وشعاع أمل قتله اليأس...
تلوذ به من قناعتك التي أدركتها أخيراً بعد سنوات من التأمل الحزين لمُجريات حياتك....

الكلمات لن تسعفك حين ترغب في تغيير قدرك....
فالقدر حتمي........... طالما لم تبذل يديك شيء لتغييره.

كانت تسير في الطُرقات يعميها الحزن عن إدراك خطواتها البطيئة وتغشى عيونها العبرات حزناً ..
لماذا يقسو القدر على صديقتها بتلك الصورة؟!
لماذا يحرمها سعادة تستحقها؟!
وكيف لم تشعر هي-صديقتها الوحيدة-بهذا الحب الذي تُكنه (جميلة) ل(مصطفى)قبل الآن؟!
كيف غاب عنها ألم يربض بعينيها حين تراه ؟!
وكيف غاب عنها شجن يربض بنبراتها حين تسألها عن حاله؟!!
تبا...لم تكن ل(جميلة)الصديقة التي ظنتها...
بل انشغلت عنها بأمورها الشخصية وتركت صديقتها..
لا..ليست صديقتها فحسب بل أختها، تركت هذه الأخت تعيش مرارة الخذلان... وحدها.

نداء باسمها أوقفها، إلتفتت وتتطلعت إلى صاحب النداء يتقدم باتجاهها...
إنه أخاها ..
آخر شخص تتمنى أن تقابله وهي في تلك الحالة...
فاللوم يقع عليه وحده في معاناة صديقتها...
اللوم يقع عليه وحده في حرمان (جميلة)من السعادة التي تستحقها..
اللوم يقع عليه وحده فى انسياقه وراء مشاعر زائفة تجاه العقربة(سهام)..
ولكن كيف تلومه وقد فعلت مثله؟!
لم تدرك مشاعر صديقتها تجاه أخاها رغم كل الإشارات الواضحة...
ربما انتابتها بعض الشكوك ...
ولكنها تجاهلتها فاستحقت أن تعانى الآن كما تعانى صديقتها...
يإنّ قلبها الآن لأنينها،
تدرك أنها لن تهنأ بحياتها مجدداً وهي تعلم بحالها الذى كان بإمكانها بقليل من الفطنة أن تدرك مشاعر صديقتها وتفعل شيئا تجاهها .. تلفت انتباهه على سبيل المثال ولكن الآن للأسف ... فات الأوان.

توقف أمامها تماماً يطالعها بإعجاب قائلا:
-والله ماعرفتك في البداية ياأيوش، إيه يابنتى الجمال ده كله ؟مي...

توقفت كلماته فى حلقه وهو يصل بنظراته إلى عينيها الدامعتين، ليقول بوجل:
-مالك يا آية؟ بتبكى ليه؟

مدت (آية)يدها بالمنديل تمسح دمعة سقطت على وجنتها ثم تكتب بتوتر:
-مببكيش ولا حاجة؟ دى اللينسز الجديدة، الظاهر عيونى لسة مخدتش عليها.

-هم بصراحة يستاهلوا..غيروا شكلك خالص ،كويس إنك اتنازلتى عن النضارة أخيرا.

ابتسمت ابتسامة باهتة ثم كتبت:
-جميلة اللي أصرت وأخدتنى عند الدكتور كمان بعد الكلية.

قِسمتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن