مساء يوم شتوي بارد، سنة ١٩٩٧
ظل ذلك الطفل صاحب السبع سنوات جالساً علي سلم الدوار الخارجي و هو يضع يديه الصغيرتين تحت خديه و كل ثانيتين كان ينظر خلفه ناحية الباب بقلق و قلة صبر....
كان الدوار يقتظ بالبشر، منهم من كان قلق و منهم من كان فرحاً... ظلت الناس تخرج و تدخل من الباب امامه و هو مازال جالساً في مكانه، ليقرر الدخول و معرفة الاخبار علي رغم من قلقه الشديد....
دخل اخيراً هارباً من ذلك البرد القارص ليجد جده الحاج احمد و ابيه و اعمامه يجلسون في غرفة المعيشة و هم فرحون و يحتسون الشربات، لينقل بصرة ناحية الدور العلوي ليجد كم هو مزدحم بالنساء المشغولات حول غرفة نوم عمه علي و زوجته نوسة التي تلد مولودها الأول....
"اغلب يا ولدي، تعالي يا حبيب ابوك... قرب اقعد جاري" سمع صوت ابيه صابر ذو الهيبة الطاغية ليتقدم نحوه و يجلس علي حجره ليكلمه عمه حسين قائلاً
"مالك يا اغلب قلقان لية؟ انت هتعمل زي عمك علي و يبقي قلبك خفيف كدة؟؟ لا اجمد خلي قلبك ناشف!" مازحه ليضحكوا جميعاً، نظر جده له بعدها ليقول امام كل الحاضرين و هو يكلمه بمنتهي الجدية قائلاً
"زي ما وعدت ابوك و عمك، إذا ربنا رزقنا ببنت من نوسة... فهي من نصيبك يا اغلب بيه، انتوا اللي هتكملوا من بعدينا"
نظر له اغلب الصغير و هو يسأله بكل برائه مستفهماً "يعني اية من نصيبي يا جدي؟؟؟"
ضحكوا جميعاً علي برائته و عدم إدراكه بعد بما يخططون لفعله، ليعتصره ابيه صابر في حضنه اكثر ليقول محدثاً ابيه الحاج احمد "ربنا يخليك لينا يابا و ميحرمناش منك ابداً"
نهي صابر جملته ليملئ بعدها الدوار صوت بكاء الطفل الذي وصل لتوه للدنيا... لتتعالي الفرحة وجوه الحاضرين و يمتلئ بيت الحاج احمد بالزغاريط...
نزلت بعدها بدقائق امرأة جميلة، شعرها اسود و غزير ينسدل خلف ظهرها، ملامحها ناعمة و لكن فيها شئ من الصخب، دانية زوجة صابر و ام اغلب الحسناء... مسحت يديها في منشفة صغيرة لتقف امامهم و هي تبشرهم بفرحة و ابتسامة تشق وجهها الجميل قائلة
"بنت زي القمر، بدر منور..."
ليفرحوا جميعاً و تعلو صوت الزغاريط ثانية، لتنظر بعدها لعلي لتسأله مبتسمة "ها ؟ ناوي تسميها اية؟؟"
و قبل ان ينطق احد سارع اغلب بقوله فجأة
"ليلي.... ممكن نسميها ليلي يا عمي علي؟"
صمت الجميع و هم ينظروا له، فحقاً قد فاجئهم، و لكن سرعان ما شقت الإبتسامة وجوههم ليقول عمه علي فرحاً "خلاص يبقي ليلي زي ما اغلب كبيرنا قال!"
لتنظر دانية بعدها لولدها الصغير "مش عايز تيجي تشوف عروستك ليلي؟" انهت جملتها لتمد يدها له، انزله ابيه صابر من علي حجره ليتقدم منها ممسكاً يدها تحت انظار الجميع الفرحة و المبتسمة و التي كانت قد رسمت مستقبلهم معاً بالفعل...
أنت تقرأ
عشقاً من قنا || Love From Qina
Romance"عارف انك بتموت فيها من زمان، هي بتاعتك يا اغلب من ساعة ماجت للدنيا دي و هي ليك.. طول ما انا عايش و انا حالف لأجوزهالك" . . . . . . . . . جميع الحقوق محفوظه و لا اسمح لأحد بأن يأخذ روايتي بدون علمي.