توقفتُ في الآونةِ الأخيرة عن إخبارِ أصدقائي
عن كُلِ الأفكار الغريبة اللتي تراودُني بِكثرةٍ كُلَّ يومٍ،
بدَت ردودُ أفعالِهم عاديةً إلى درجةٍ ما!
ولم أشعُر بِهالةِ إهتمامٍ بينَ حروفِهم،لطالما كُنتُ محطةً مهجورةً في حياةِ الجميع،
وإطاراً مكسوراً في الصورة الجماعية لِعائلتي،لذا لا يحقُ لي على الأغلبِ أن أُعاتِبَ أحداً،
أو أن أكتُبَ رسالةً حزينةً أصِفُ بِها وحدتي،الوحدة..
ليست شيئاً يُمكنُ وصفه بِبضعةِ حروفٍ عبى ورق!
رُبما ليست الوحدة بِشكلٍ عام،
بل وحدتي فحسب..في طفولتي كُنتُ أشعرُ بشيءٍ مِنَ اللمعانِ والتميز،
بخيالٍ واسعٍ أمتلِكُه وأفكارٍ أستطيعُ العيشُ بينها لأيام،أضعُ نهايةً تليقُ بالقصةِ اللتي شاهدتُها في وقتٍ ما،
أستبدلُ أحداثً وشخصياتٍ بِما أحب ويُعجِبُني،أُعيدُ ترتيبَ مكانيَّ بينَ الجميع..
فأضعُ نفسيَّ في المقعدِ الأولِ في فصليَّ
فرداً مرِحاً وأساسياً في عائِلتي
وصديقاً لِلجميع،
شخصاً سيتذكَرهُ احداٌ ما...أخطوا في رأسيَّ خطواتٍ فوّتها بِتردُدي،
أصرُخُ بِجميع الكلمات التي قيدتُها بِجُبِنِّي،لم أُدرِك ابداً أنَّ هذا العالم المحشور داخِلَ رأسي قد يحاولُ قتليَّ يوماً!
بِبطءٍ تَتسربُ الأفكارُ إلى أحلامي،
تضحكُ بِخفةٍ لِتُخبِرَني بأنها ولِبضعةِ ثوانٍ لم تَصدِق أنّي ذاتي..أُمسِكُ بِورقةِ الواجبِ المنزلي ويعتلي مُقدمَتها سؤالٌ غبي:
أينَ ترى نفسكَ بعدَ سنةٍ مِن الآن؟أُعيدُ صياغةَ السؤالِ ب أقربِ صيغةٍ تناسبُني:
أينَ تريدُ أن ترى نفسكَ بعدَ سنةٍ مِن الآن؟أعلمُ مُسبَقاً أنَّ الغايةَ مِن هذا السؤال هي للكشفِ عن طموحك وأحلامِكَ،
لكني أكرهُ الأجاباتِ المُعتادة والمُمِلة،لن أقولَ بأنَّ حُلمي أن أكونَّ رساماً على الرغمِ مِن موهبتي العاديةِ فيه،
أو كاتباً مشهوراً على الرغم مِن جميع قِصَصي الغير مُكتمِلة،لِذا إجابتي على سؤالِهم ستكون:
دونَ تدخُلِ المُعجزات،
أرى نفسيَّ غارِقاً بينَ كومةِ عُقدٍ محشورةٍ معيَّ في غُرفة صغيرة،
بعدَ أن شقّت طريقَها خارِجَ رأسي،
أتذمرُ لِضيقِ المكانِ على الرغمِ مِن خلّوهِ مِن كُلِ شيِّ عدايَّ،
سامِحةً لِلبشرِ بإدراجِ إسميَّ ضِمنَ قائِمةٍ تافِهة،
تحتَ معاييرٍ فارِغة،أو رُبما ساكونُ مُعلقاً مِن رأسيَّ في إحدى المباني المُكتظةِ بالبشرِ المُملين بينَ أوراقٍ وقوانين!
أما عن ماذا أُريدُ أن أرى نفسيَّ بعدَ سنةٍ مِن الآن:
أودُ أن أكونَّ على إحدى مقاعِدِ حديقةٍ ما،
في وقتٍ مُتأخرٍ مِنَ الليل،
مُتصالِحاً مع ذاتي
مُهمِشاً لأفكاريَّ
بِجانبِ ضحكةٍ تخلِقُ نوراً مِن حولي،
والآف الفراشاتِ في رأسي،
أن تحتويني إبتسامةٌ دافِئة وتتأملَني عينانِ مِن الفن،
أن أُشارِكَ أفكاريَّ بتناهيدِ سعادة،
وأن أعيشَ يومي وكل يومٍ بقلبٍ يُغرِقُهُ الحُب،
أن أموتَ وتحيا روحي في ذاكرةِ أحدِهم،ألَّا أكونَ مَنسياً.