فتى الرسائِل

333 10 17
                                    


رِسالة


الحادي عشر مِن ديسمبر 1997:

6:03pm

أقفُ وحيداً في هذا الوقتِ المُتأخرِ مِن ساعاتِ الصباحِ الأولى،
بجانبِ صندوقِ بريديَّ مُنتظراً قدومَ ساعيّ البريدِ معَ رسالتيَّ كالمُعتاد،
تُغطي الثلوجُ الشوارِعَ وأسقفةَ المنازِلِ مِن حولي،
وتبدأُ الشمسُ بِنشرِ شعاعٍ خافِتٍ فوقَ أرجاءِ المدينة،
تُغرِدُ العصافيرُ مُعلنةً كونها أولَ مَن يقولُ لي :
صباح الخير..

أنفخُ أنفاسً دافِئةً بيدايّ، ألتفتُ بَعدَ أن لمَحتُ دراجةَ ساعي البريدِ قادِمةً مِن بدايةٍ الشارِع مُلوحاً لهُ بِسعادة،
يرصِفُ دراجتهُ على الرصيفِ ثُمَ أردفُ مُتجهاً نحوه:
صباحُ الخير

يُجيبُ بأبتسامةٍ دافِئة مُبعداً الوِشاحَ مِن على وجهِهِ:
صباح النور

يبدأُ بالبَحثِ في حقيبتِه المليئةَ بالرسائِل،
ثُمَ يُخرِجُ ظرفً باللونِ الأصفرَ ويمدهُ ناحيتي،
أُمسِكُ بالظرفِ بِعينانٍ لامِعة تَتأملُ لونه الجميل،
يضحكُ بِخفةٍ مُعلقاً على حماسيَّ المُفرِط:
أوراءَ هذا الحماسِ شخصٌ مُميز؟

أجيبهُ بأبتسامةٍ واسِعة:
أجل، مُميزٌ لِلغاية

يُهمهمُ ثُمَ يركبُ دراجتهُ مُبتعداً بِها،
أصرخُ نحوه مودِعاً إياه:
شكراً لكَ جيزيل.

وسُرعانما أهرعُ مُسرعاً إلى المنزلِ،
أُغلِقُ بابَ غُرفتي وأفتحُ النافِذة،
تنتشرُ رائِحةُ الثلجِ وأصواتُ العصافيرِ داخِلها،
أجلسُ على الأرضِ وحوليَّ رسائِلٌ مُبعثرة،
أفتحُ ظرفَ رِسالةِ هذا الأسبوع بالكثيرِ مِن المشاعِر،
أبدأُ بِقراءةِ حروفِها بِصوتٍ عالٍ مُستحضِراً طيفَ مُرسِلِها وبِشوقٍ قد نالَ مِني:

عزيزي كايلن..
كيفَ حالُكَ؟
أنا بِخيرٍ أيضاً،
أعلمُ بأنكَ تُبلي حسناً كَما وعدتني بِكُلِ ما أطلُبهُ مِنكَ،
أعتذرِ عن تفويتي لِرسالةِ الأسبوعِ الماضي،
لم أجِد الوقتَ الكافي لِكتابتِها..
أشتاقُ إليكَ دائِماً
وإلى منزِلِ الشجرةِ خاصتنا
حتى إلى العم والعمةِ براون، أبلِغُهما سلامي
ذهبتُ البارِحةَ في موعدٍ معَ فتاةٍ حمقاء،
تبدأُ بالثرثرةِ حولَ جمالِها ولا تصمتُ أبداً،
أزعجني ذلكَ كثيراً
كونَهُ الموعِدُ التاسِع وقد باءَ بالفشلِ أيضاً،
أعني أجميعُ الفتياتِ هكذا؟

ماذا عنك؟
ماهيَ أخبارُ مدرستِكَ الجديدة؟
هل عثرتَ على أصدقاء؟
بالتأكيدِ ستفعَل وإلا سأوبِخُكَ بِشدةٍ عِندَ عودتي،
هاقد أصبحتَ كبيراً
ثلاث سنوات وتنتهي حياتُكَ المدرسية،
ثلاث سنوات فقط وبأمكاني العودةُ إلى المنزل..
أخيراً،
لا تنسى أن تأكُلَ جيداً، ولا تدع نافِذةَ الغُرفةِ مفتوحة الجو بارِدٌ لِلغاية وستمرضُ بالتأكيد،
كُن بِخيرٍ لأجلي..
وإنتظِر رسالتيَّ القادِمة.
_دانِييل

مُبَعثرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن