نرجع لعيّاش ..
هذاك الصوت اللي تكرر بقوله " قمر الزمان ، قمر الزمان ! "
كان يمر بين جوانب القرية بركض شاسع وخوف من اللي شافه ولا فهم مقاصيده ولا ادرك اسبابه ، ركض بعجلة حتى وصل تلك الخيمة ، خيمة الشيوخ ، دخلها وهو يردف بعدها : عمي عمي ! قمر الزمان قمر الزمان !
التفت له ابو النوارس بحيث كان وحده بالخيمه فز من مكانه وهو يمسكه ويطلع معه مشى وهو ماسك يده بعجله حتى وصل لبيته وتحديدًا غرفته اللي كانت ملك له ولزوجته ، اقفل الباب وهو يكرر : اسكت اسكت لا يسمعك احد !
كيف كان عيّاش يلتقط انفاسه حتى كرر : شفت قمر و ركود شفت قمر قمر !
كيف تنهد ابو النوارس بعد ان جلس على السرير كم تسمى عندهم " القعاده " وصابته تلك الذكريات الجامحه حتى كرر : عارف يابوي عارف
__نرجع بزمن الى الورى لسنين طويله مضت ..
رغم تلك الحادثه الاليمه الا ان ابو النوارس لم يصدق ان ولده قتل بنته ، هو اللي ربى عياله على يده عمره مارباهم على الشّدة وعدم الرحمة ، خصوصًا ركود كان يعرف انه حنون وقلبه مايقدر حتى يوقف ضد نمله ويقتلها ، كان يعرف انه يحب اخته حد الجنون ، في يوم من تلك الايام الصعبه اشتد المطر والعواصف والرعد والبرق ، وبينما الجميع فر الا بيته خايفًا كان ركود وحده من ركب خيله وركض بين البراري وكانه يبحث عن احد ، لحقه من شّدة خوفه عليه ، لحقه يبي يطمن عليه ، وشاف تلك الليلة رحمته بدنيا ذي ، شاف بنته وحبيبته وشبيهه زوجته ، كان احد صب عليه ماء بارد بعد ان احترق جوفه ، تمنى لو يقدر يحضنها ويقبلها ويشرح لها انه عمره مايعتبرها مذنبه وانه خايف عليها من الناس اللي ماترحم وخايف عليها من كلامهم وخايف عليها من قضايا شرفهم ،تمنى يقدر يحضن ولده ويحكي له " ما خابت هقاوي من رباك"
تمنى وتمنى ولكنه شاف ان بقربه صعب وانه لازم يكشف براءتها قدام الخلق ثم ترجع والا تبقى بامان هنا اكثر ، رجع ادراجه وقتها وهو مسرور وسعيد انها حيّه من ذاك اليوم وهو ينام مرتاح البال واثق ان ولده ماراح يضيع بنته ، وانها بامان ، دائما يشوف ركود رايح لها ويبتسم بهدوء ، ومن ذاك اليوم بلع سره بجوفه ولا علم احد ..نرجع للواقع التفت لعيّاش وهو يكمل : ركز بكلامي وطبقه بحذافيره
تنهد ليردف بعدها : لا يعلم مخلوق ان بنتي هناك ابداً ، روح و زورها وخلك معهم وساعد ركود بكل شي ولا تعلمهم ان انا عندي خبر خلك الضلع اليمين لركود
وسرعان مانطق بعدها : وطمني عليها قلبي متشفق على فلذة كبدي
مع العلم ان ابو النوارس ماشافها الا مرة وحده فقط في تلك الليلة الماطرة وكانت بعدها طفلة فكيف لو شافها الحين ! بكل ذاك الحسن اللي تحمله ، وهو أيضًا مايدري انها سبب تلك الاسطورة ولا يدري اي شي ، كل اللي يعرفه انها حيه ، حيه وبس ..
كان عيّاش ذكي وحيل حيل لاجل ذا فهم كل كلامه وطلع بعدها ما كانه شاف شيء ، واتجاه لمكان قمر بذات ..
__عند قمر الزمان ..
كان اخوها يقطع لها الاخشاب بفأسه لاجل تشعل النار ، في اللحظة اللي التفت لمكان الفانوس ولمحه فارغًا كرر : وينه الفانوس ؟
كيف التفتت للجدار وعادت بها ذاكرتها لذاك الحدث وقت اعطته وضاح ونطقت بعدها : انكسر عليّ
كيف صابه قليل من الغضب مردف : وعلامك ماقلتي لي اجيب لك غيره ؟
اشارت باكتافها بعدم معرفه واستمرت بصمتها في اللحظه اللي التفت ركود لمدخل الغار حتى نطق بعدها بصدمه مالها مثيل تمكن منها التعجب اردف : يامرحبا!
حتى الكلمه قالها بعدم استيعاب في اللحظة اللي التفتت قمر للباب وفزت من مكانها ، كانت بتخاف لكنها عرفته علطول ونطقت بدموع : عيّاش !!
كيف التفت لها وعيونه حمراء لانه يبكي زي الطفل ويحرك رأسه ويده اللي كانت تقريبًا شكلها للورى بسبب تعبه وجنونه اللي كان جنون ذكاء و تاتاة كرر : حلويات ! حلويات !
وكأنه يسترجع ذكرى تلك الليلة القاسية على قلبه اكثر من قسوتها على قلب قمر حتى ، كيف فزت وهي تتجه له ببهجة رفعت يدها وهي تمسح دموعه ونطقت بنبره مكسوره : ليه تبكي ؟
كيف رجع كرر وكانه يعلمها السبب ويذكرها : حلويات حلويات ..!
ابتسم ركود بهدوء رغم انه مو فاهم مقصده ، هو عارف ان اخته مالازم تظهر له ولا حتى تلمسه لكنه عارف برضوا انه مجنون وانها تبقى طفلة ماتفهم شي ، كيف جلس عيّاش معها ونطق ركود : كيف عرفت ؟
كرر عيّاش كلامه وهو يحرك رأسه : قلت قلت لك بلحقك انا ، أنا بلحقك
ابتسم ركود وهو يجلس بجنبه ويمسك يده مردف : عويش ركز معي مالازم حد يعرف مالازم ! اذا عرفوا ياخذوها ترضى عويش ترضى ؟
كيف وقف عيّاش وهو يردف بطفوله وعصبيه تقمصها جنونه : اللي يقرب لها لها اذبحه انا !
ابتسم ركود وفهمه كل شي وتأكد انه فهم لانه واثق فيه وفي ذكاءه والتفت لقمر مردف : ياسعدك صار عندك ضيف غيري انا وعناق
كيف ابتسمت ببهجة وفرح وحيل حيل وهي تنطق بعدها بينها وبين نفسها " وعندي وضاح بعد "
ووقف ركود ولازم يرجع لدياره وودع اخته ومشى هو و عيّاش
أنت تقرأ
أسطورة الجبل الميت !
Mystery / Thrillerهنا ، او هناك ، او هاهنا .. رملاً ، وصخور ، زهراً ، وحقول أُغنية مسير ، تخبط غريق ، ندأ بوسط الحريق ، حُلم زمان ، ندم أيام ، ظُلم و بُهتان ، دمع حزين ، قلب جريح ، يدين ملطخه بطين .. أسيرة جبل قديم ، ام ذئاب الطريق ، طيف الوادي . - هو : المُنى ان لا...