٣٩

16.3K 367 219
                                    

هم نفسهم اللي وقفوا قدام هالقرية بمقتلها وهم نفسهم اللي وقفوا للاعتراف بها وقت نطق كبيرهم زهير بعد تجمع الاهالي ونظراتهم : هذي بنت امي وابوي ، واللي عجز مئة من جنودكم يصيروا مثلها ، ان كان مهدي شيخ القبيلة فهي شيخة كل هالقبيلة وانا اخو قمر ..
قال " اخو قمر " ينسب نفسه لاخته من شدة الفخر فيها ويعلم اللي مايدري انها كانت ومازالت اساس هالقرية ، كل الناس مبسوطه برجعتها كانوا يحبونها بطفولتها حتى لو ظلموها وهذا هم يحبونها بكبرها ، بينما قمر تتأمل كل اللي حولها الناس والاماكن والاسواق ، وصلوا لين البيت ونزلوا من خيولهم ، تقدمت هي لداخل وهم خلفها ، باللحظة اللي شافتها عمتها نوال ولا توصف فرحتها وبهجتها وصدمتها وهي تتقدم لها ترحب : ياهلا وغلا ومئة مرحبا تو مانور الدار وزانّت اركانه
كيف اخذتها بالاحضان تاركتها تتأمل البيت من اول وجديد ، لتنطق بعدها بتساؤل : وينه ؟
وكانت تقصد ابوها اللي ماقدرت للان تناديه " يبّه " لتتقدم مع عمتها لغرفته ومازال على غطاها ، وقت شافتها وردة اللي كانت عنده واردفت بصدمه : قمر !
كيف رفع نظره ابو النوارس للباب ومجرد ماشاف الحجم الصغير اللي مغطيه السواد ، رفع يدينه يحاول يقوم لتتقدم له وردة ترفع جسده العلوي ، تقدمت قمر بخطواتها الثقيلة نحوه وقت رفعت يدينها تزيح خمارها وانهمر شعرها حولها ، رفعت نظراتها نحوه وعيونها المليئة بالدموع لكن تحاول ما تضعف ، لكنه هو ضعف ! ضعف وقت شقت دموعه تجاعيد وجهه وذاك الرجل الجبروت العظيم بكاء ! الضنا غالي ، واغلى من الروح ، ويبقى الاب اب مهما تملكته القسوة ، رفع يدينه نحوها يردف بصوته المهلوك : تعالي ..!
وقت شافت تعبه وقلة حيله كان اسوء حتى مما قالوا لها تقدمت بخطواتها له وهي ترى مساحة في سريره وجلست فيها ،


مد يدينه المرتعشة المكسوة بتجاعيدها نحو طهر وجهها وزهري خذها ، كيف اغمضت عيناها وسال دمعها وقت حست ببرودة يدينه على خدها ، فتحت عيناها تتأمل عيناه المتعبه وهو يردف بشفتيه المرتعشة : وهبت آسيا فيك جمالها سبحان من زرع فيك كل هالحسنّ يابنتي
" يابنتي " يالله كيف وقع الكلمه حنون وحييل حنون على قلبها ، كيف حستها طبطبه على حزنها ، ضماد على جروحها ، نطقت بعدها تحاول تقوي نفسها : قوم على حيلك بدري العُمر على ضعفك
كانها تقول " تويّ ماحسيت بمعنى الابوه لا تروح " كيف ضحك بهدوء مكمل : جاء الدواء عيب على الداء مايستحي ويروح
تأملته باتساع وهي تقف باللحظة اللي مسك في معصمها التفتت له وهي تشوفه يعدل جلسته على حيله ، اقتربت تساعده يرفع جسده زي مايبي ، كيف حاوط بيدينه الضعيفه جسدها ليحتضنها  بهدوء ، مجرد ماحسّت انها مستقره باحضانه وان هالرائحة الطيبه هي معنى الابوه ، بكت ! بكت وخسرت كل قواها اللي كانت متمسكه فيها ، تشبثت بجسده وهي ترتمي على صدره تبكي ويدها على ثيابه ، عادت تلك الطفلة اللي تنام بحضنه بالعاشرة من عمرها ، بكت ولا قدره لها على الكلام ماغير دموع بللت بها ثيابه ، وبكاء هو معها ! بكاء يردد ويدينه على شعرها : ياحسايف العُمر يوم اني جازيتك بالشقى ..!
كيف كانت تصب كل عناء السنين بحضنه ، كانت تبكي وهي تنطق اخيرًا بصوت باكي مرتعش : ليه خليتني لوحدي ؟ لييه ماسمعتوا مني ؟ وين كنت يوم انتظرتك ليالي بارده ويوم خفت من الظلام ويوم تمنيت سند وعزوه ؟ وين كنت وينن ؟
يالله كيف كانت خناجير تتوسط صدره وتهلكه وهو يردد : سامحيني يابنيتي يوم غشى عيوني الظلام والله اني طول العمر اعمى لين جيتي نور هالعيون ..
استمرت بالبكاء لين ماهدأت وهي ترفع رأسها تمسح دموعها وانفها المحمر ، تتأمل شعره الابيض والكبر اللي فيه كانها تخاف الموت يجيه ولا تهنت فيه ، وقفت بعدها وهي تنطق : برتب اغراضي وارجع




أسطورة الجبل الميت !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن