هم نفسهم اللي وقفوا قدام هالقرية بمقتلها وهم نفسهم اللي وقفوا للاعتراف بها وقت نطق كبيرهم زهير بعد تجمع الاهالي ونظراتهم : هذي بنت امي وابوي ، واللي عجز مئة من جنودكم يصيروا مثلها ، ان كان مهدي شيخ القبيلة فهي شيخة كل هالقبيلة وانا اخو قمر ..
قال " اخو قمر " ينسب نفسه لاخته من شدة الفخر فيها ويعلم اللي مايدري انها كانت ومازالت اساس هالقرية ، كل الناس مبسوطه برجعتها كانوا يحبونها بطفولتها حتى لو ظلموها وهذا هم يحبونها بكبرها ، بينما قمر تتأمل كل اللي حولها الناس والاماكن والاسواق ، وصلوا لين البيت ونزلوا من خيولهم ، تقدمت هي لداخل وهم خلفها ، باللحظة اللي شافتها عمتها نوال ولا توصف فرحتها وبهجتها وصدمتها وهي تتقدم لها ترحب : ياهلا وغلا ومئة مرحبا تو مانور الدار وزانّت اركانه
كيف اخذتها بالاحضان تاركتها تتأمل البيت من اول وجديد ، لتنطق بعدها بتساؤل : وينه ؟
وكانت تقصد ابوها اللي ماقدرت للان تناديه " يبّه " لتتقدم مع عمتها لغرفته ومازال على غطاها ، وقت شافتها وردة اللي كانت عنده واردفت بصدمه : قمر !
كيف رفع نظره ابو النوارس للباب ومجرد ماشاف الحجم الصغير اللي مغطيه السواد ، رفع يدينه يحاول يقوم لتتقدم له وردة ترفع جسده العلوي ، تقدمت قمر بخطواتها الثقيلة نحوه وقت رفعت يدينها تزيح خمارها وانهمر شعرها حولها ، رفعت نظراتها نحوه وعيونها المليئة بالدموع لكن تحاول ما تضعف ، لكنه هو ضعف ! ضعف وقت شقت دموعه تجاعيد وجهه وذاك الرجل الجبروت العظيم بكاء ! الضنا غالي ، واغلى من الروح ، ويبقى الاب اب مهما تملكته القسوة ، رفع يدينه نحوها يردف بصوته المهلوك : تعالي ..!
وقت شافت تعبه وقلة حيله كان اسوء حتى مما قالوا لها تقدمت بخطواتها له وهي ترى مساحة في سريره وجلست فيها ،مد يدينه المرتعشة المكسوة بتجاعيدها نحو طهر وجهها وزهري خذها ، كيف اغمضت عيناها وسال دمعها وقت حست ببرودة يدينه على خدها ، فتحت عيناها تتأمل عيناه المتعبه وهو يردف بشفتيه المرتعشة : وهبت آسيا فيك جمالها سبحان من زرع فيك كل هالحسنّ يابنتي
" يابنتي " يالله كيف وقع الكلمه حنون وحييل حنون على قلبها ، كيف حستها طبطبه على حزنها ، ضماد على جروحها ، نطقت بعدها تحاول تقوي نفسها : قوم على حيلك بدري العُمر على ضعفك
كانها تقول " تويّ ماحسيت بمعنى الابوه لا تروح " كيف ضحك بهدوء مكمل : جاء الدواء عيب على الداء مايستحي ويروح
تأملته باتساع وهي تقف باللحظة اللي مسك في معصمها التفتت له وهي تشوفه يعدل جلسته على حيله ، اقتربت تساعده يرفع جسده زي مايبي ، كيف حاوط بيدينه الضعيفه جسدها ليحتضنها بهدوء ، مجرد ماحسّت انها مستقره باحضانه وان هالرائحة الطيبه هي معنى الابوه ، بكت ! بكت وخسرت كل قواها اللي كانت متمسكه فيها ، تشبثت بجسده وهي ترتمي على صدره تبكي ويدها على ثيابه ، عادت تلك الطفلة اللي تنام بحضنه بالعاشرة من عمرها ، بكت ولا قدره لها على الكلام ماغير دموع بللت بها ثيابه ، وبكاء هو معها ! بكاء يردد ويدينه على شعرها : ياحسايف العُمر يوم اني جازيتك بالشقى ..!
كيف كانت تصب كل عناء السنين بحضنه ، كانت تبكي وهي تنطق اخيرًا بصوت باكي مرتعش : ليه خليتني لوحدي ؟ لييه ماسمعتوا مني ؟ وين كنت يوم انتظرتك ليالي بارده ويوم خفت من الظلام ويوم تمنيت سند وعزوه ؟ وين كنت وينن ؟
يالله كيف كانت خناجير تتوسط صدره وتهلكه وهو يردد : سامحيني يابنيتي يوم غشى عيوني الظلام والله اني طول العمر اعمى لين جيتي نور هالعيون ..
استمرت بالبكاء لين ماهدأت وهي ترفع رأسها تمسح دموعها وانفها المحمر ، تتأمل شعره الابيض والكبر اللي فيه كانها تخاف الموت يجيه ولا تهنت فيه ، وقفت بعدها وهي تنطق : برتب اغراضي وارجع
أنت تقرأ
أسطورة الجبل الميت !
Mystery / Thrillerهنا ، او هناك ، او هاهنا .. رملاً ، وصخور ، زهراً ، وحقول أُغنية مسير ، تخبط غريق ، ندأ بوسط الحريق ، حُلم زمان ، ندم أيام ، ظُلم و بُهتان ، دمع حزين ، قلب جريح ، يدين ملطخه بطين .. أسيرة جبل قديم ، ام ذئاب الطريق ، طيف الوادي . - هو : المُنى ان لا...