١٦

17.7K 395 150
                                    

في الليل كان يروح يقطع الخشب ويجمع حطب ، يخاف تمطر والمسافة ماتساعده يوصل لها ، يخاف الليل اذا طول بلا امين ، بعد مايخلص يحطه عند مدخل الغار ويروح ، في البداية ماكانت تدري مين هو ، بس ادركت انه وضاح ، كانت تحاول تلتقي فيه بس يجي باوقات ماتعرفها وتفوته دائمًا ، كان يمليّ لها من البئر ، ويحط حطب ، ويجيب اغراض ويتركها ويروح ، مو هيّن عليه بعد ماعرف كل قصتها يتركها لوحدها ولا يعينها ، كم مره لامسته رغبه عارمه في دخول ذاك الغار ، في تأمل وجهها ، ان يمرر اصابعه في رمش عيناها ، ان يرتوي منها ، بس وين وكل الحواجز بينهم ؟ كيف وبينهم بلاد وبلاد وبلاد كل مايحاول يمر حاجز يطيح وتتكسر رجوله ، يضيع يدينه ، يجهل طريقه ، ويرجع لتلك النبيلة اللي حضنته وشرعت له ابواب بيتها وحضنها اكثر مما فعلوا غيرها ، كان عارف انها نايمه مادخل البيت ، بقى برا لوحده ، اشعل سجارته اللي كان طرفها معلق بين شفايفه ، نثر الدخان من حوله ، قطع الدخان من كم سنة بس عودّ له بعد مارمته الدنيا للحال ذي ، التفت للي رمت وشاحها على اكتافه ، اتسع مبسمه بهدوء لتردف بعدها بغضب : ياويلي رجعت لدخان ؟ علامك انت كل مانقول اهتدى وزان حاله رجعت لعوايدك الشينة ماسوت فيك خير بنت هالجبال
اتسع مبسم بهدوء ولا رد حتى اكملت عتابها : وبعدين وينها فروتك بهالبرد طالع كذا ، ولا ناسي فروتك مع قلبك هناك ؟
في اللحظة اللي وقف وهو يعطيها الحاف ويحضنها مردفًا : انا ناسي عمري هناك جت على فروتي ! ادخلي يمه برد لا توجعي علينا
كيف كانت تمشي معه حتى دخلها البيت لتنطق : وانت ادخل ياولدي والله الليل ما من سهره الا الهلاك والضياع
اشار رأسه بهدوء وهو يدخلها ويرجع برا ، يرجع ينثر دخانه وباله بعيد ، يفكر بامور كثيرة ، يبي مخرج بس كل الدروب مسدوده قدامه ، كان اكبر مخاوف تعودّه الدنيا للورى ، لوضاح متبلد حتى الضحكة تستكثر عليه تنرسم في عذب مبسومه ، وذا اللي صار ، صعب عليه الابتسامة وصعب حييل ، فكر يروح ولا يعود ابدًا ، يبني حياة جديدة ويتزوج ويعيش ، بس صعب على خياله يتخيل غيره بجنبها ، ممسكه يده ، بين احضانه ، حلال له صعب وحييل ..
غريب تارك بلاده والاهل من اجل واحد !
ضايع وضيع شبابه ملوه حتى اصحابه ..
ادرك وقتها الوكاد أنه سرا العمر وأعلن أرتحاله
‏وأستراح بغربته عن كل دربٍ كان يهيمه




في الصباح ..

مانام الا كم ساعه ، وصحى يحط اكل لرماح ويتمشى شوي ، كالعاده مافارقت شفايفه سجارته ، لاف شماغه على طرف ذقنه ، ويمشي بهدوء على مسامعه تغريد العصافير ، بحكم ان بيتها عند اشجار كان شكله بهيّ وحييل والمنظر رائع ، في اللحظة اللي وصل لمسامعه الصوت اللي ماسمعه من وقت طويييل ، ولا توقع بيوم يسمعه : كلٍ يعرفك سَمح خاطِر ومزّاح ، ما يعرفونك يوم ترخِي الستَاير ..
التفت ، التفاته ضايعه ، مبهمه ، يوم التقت عينه الكحيلة بعين صاحبه القديم و عدوه الجديد ، نظرات مبهمه كان محورها " انت اخو اللي سرقت قلبي ؟ "
لكنه سكت وهو يكمل تدخينه ويصب الماء لخيله ، تقدم الكاسر بجنب رماح يشرب معه ، اردف ركود بعدها وهو يشوف الدخان ومستغرب متى رجع له : ما داهم قلبك فضول وش وصلني هنا ؟
استمر وضاح بترتيب حتى اردف : لا
ابتسم ركود وهو يجلس على الارض عند جلسة وضاح بتعب ، باللحظة اللي بدأ يسوي الحطب ويشعل النار ، التفت له وضاح بهدوء حتى جلس امامه بنظرات حاده وثاقبه نطق : مطول هنا ؟ انتبه ان كنت تعرفني اذا ارخيت الستاير عمرك ماعرفتني اذا كسرتها !
كان يراقبه ركود ويراقب شّدته اللي يعرفها وحييل ليردف من بعدها وهو يرميه بنفس النظرات حتى وان كانت نظرات وضاح اشّد : اكسرها رجيتك وعودّ للقرية قلبتها فوق وتحت بغيبتك راح اللي يدور عليك كل ماضعت لا تخليني اترك اشغالي وادور عليك
كيف ابتعد وضاح عنه وهو يضبط الشاي ليردف من بعدها : وحد طلب منك تلحقني ؟ انت حتى بقبري بتدخل معي بعدين اللي كان يدور علي راح و راح بسببكم اذكرك ان كنت ناسي ماني بنسّاي  ..



أسطورة الجبل الميت !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن