_ أنا ماشيه يا حنين
_ خدي بالك من نفسك يا آنين و متتأخريش هستناكي علي العشا
خرجت وهي تضع ما يسمي بال( Headphones ) و توصلها بهاتفها لتشغل موسيقاها المفضلة وهي تأخذ تاكسي لينقلها لمكانها المفضل، خمس سنوات مرت عليها بنفس الروتين منذ أن تركت كل شيء وراء ظهرها و قررت الرحيل لما ظنت أنها بالهروب قد تنسي و تعيش و تسعد، ولكنها كانت مخطئة تماماً فقد عاشت ولم تنسي أو تسعد بل تألمت، تألمت كثيراً و عانت وحيده.....،
وصلت مكانها المفضل فوجدت شجار يُقام علي جانب الطريق بين سائق أجري و زبون علي بعض العملات و أُناس يتدخلون لينهوا تلك المعضلة في نظر الاثنين حتي انتهت بقول أحدهم
_ صلوا علي النبي يا جماعه مش مستاهله أنا هدفعلك الي انت عايزه يسطا
_ لا يا عم الحاج حصل خير و حقك عليا يا بيه اني غلطت فيك ما انت بخيل برضو
_ اتكل علي الله يسطا و أدي فلوسك أهي
ابتسمت علي الموقف فإن كانت هذه النهاية لما الشجار منذ البدايه... تقدمت بضع الخطوات حتي توقفت أمام مقعدها التي لا يأتي أحداً أبداً في هذا الوقت اليه، فهو في منطقة بعيده عن الضجيج أمام النيل، نظرت للقابع أمامها... من هذا الشخص؟ ولماذا يجلس بمكاني؟ ولما أنا أراه هنا؟ فهذه أول مره أرى شخصاً يجلس علي هذا المقعد منذ أن أتيت هنا منذ خمس سنوات!..
حقاً أنين الأن تذكرتي أنكي مضيتى خمس سنوات بعيدة، وحيدة، بلا أحد، حتي بلا قلبك التي تركتيه يموت... خاطبها عقلها بسخرية، فتجاهلته كعادتها... كم أنتي غبية يا أنينتقدمت ناحية ذاك الغريب و توقفت بقرب إنشات من المقعد ثم حمحمت لتلفت انتباهه ولكن علي ما يبدو أنه لم يسمع، فكررت فعلتها مرة أخري بحده ولكن لا فائده، هدلت كتفيها في يأس ثم مدت انامل يدها تلامس كتفه حتي أدار وجهه لها ناظراً لها، غارقاً في سحرها
..... أها نسيت أن أخبركم _ انا اسمي أنين، انتقلت لتلك البلد منذ خمس سنوات بعد أن قررت أن أرحل بعيداً عن كل من ألمني، عن مكان عشت فيه غريبه في بيتي و وسط أهلي، فقد كان الرحيل الحل الأنسب لمداواة جروحي و تجميل روحي المشوهة و رغم ذلك فشلت، فقررت أن أردم كل ذلك بداخلي وأمضى قدماً، أما بمناسبة ملامحي فأنا فتاة عاديه و بسيطه.... بسيطه للحد الذي يجعل من يراني يقع بسحرى، و يُفتن بى هذا جزء من قصتي.
نطقت مُجلية حنجرتها قائلة / لو سمحت انت قاعد في مكاني
هتف بلا وعى / مكانك في قلبي
لا تعرف لما كلماته لمست شيء بداخلها.. كلا ليس قلبي، فقلبي ميت منذ زمن... إذاً فما هو هذا ؟!!
هتفت قائلة / يا أستاذ..
تنحنح حرجاً ثم توقف عن المقعد قائلاً بأسف / أنا أسف مخدتش بالي
_ عادي ولا يهمك
_ حضرتك ممكن تقعدي لو مش هزعج حضرتك ممكن أمشي.. أنا كنت قاعد هنا علشان كنت متضايق و..
_ حضرتك مش مضطر تبررلي سبب جلوسك هنا وأنا معنديش مانع، بس ياريت لما تحب تقعد هنا تشوفلك توقيت تاني غير ده لأن الوقت ده ليا في المكان ده
نظر لها باستغراب، ما الذي تتفوه به هذه الجميله الغريبة !!
جلست بمنتصف المقعد رافعه وجهها للسماء تنظر لغروب الشمس بلونها الأحمر و السماء التي تلونت بنفس اللون، فهذا المشهد يذكرها بحياتها التي عاشتها بنفس اللون، تشفق علي حال الشمس وحال السماء، فكأنما هي تبكي دماً لفراق حبيبتها و كأنما الشمس تدمي لموتها، فالغروب موت و الشروق حياة جديده، تموت و تحيا والسماء تبكى كل ليله علي فراقها، تبكي دماً لتتلون بهذا اللون كل ليلة، كم هي الدنيا قاسيه....
أنت تقرأ
أجنية بقلب صعيدي
ChickLitكُلٌ منا له ماضي، ولا حاضر بدون ماضي، و بدونهما فلا يوجد الإنسان، أحياناً كثيرة يكون الماضي مؤلم، و أوقاتاً قد يكون مُفرِح، ان كان الماضي مؤلم فلابد من المواجهه، إن لم تواجه ستظل مدي حياتك هارباً من واقع يطاردك وكأنك مجرمٌ يريد القبض عليه، صحيح أنه...