No.08

837 73 42
                                    


" مؤلم أن تستيقظ في مِثْلِ هذا التوقيت لتُخبر أحدًا أنك مُتعب ، مُنهك ، فاض بك كُل شئ ، لكنك لا تجد من تخبره.."

همس يقرأ تلك الكلمات على تطبيقٍ للقراءة وسط قاعة المحكمة .. شئٌ جيد أن تملك هاتفًا، و أن تجد تطبيق لليوميات تستطيع تخزين فيها كل ما يؤلمك أو يخطر على بالك بدون وجود الورق.

دخول القاضي جعله يرتبك و خاصًة حين لمح نظرة سامويل و هو يُحدق به من بعيد .. حاول تهدئة نفسُه لكن ماذا يفعل إن جسده خانِه وحسب!؟ ..

" معك منديل سيد آرين؟ "
همس إلى مَن يجلس بجوارِه فالتفت له بعدما اكتفى من التحديق في عائلة آشورا الذين تجمعوا في القاعة مقابلًا لأسرتِه الصغيرة، فعقد جبينِه في قلق، و بينما يُخرج منديلًا هو نطق بقلق:
" ماذا حدث؟ هل تشعر بتوعك أو شئ ما؟ "

أمسك بالمنديل يمسح خيط الدماء الذي نزف من أنفِه متنهدًا بضيق .. ضغط دمه ارتفع بالتأكيد بسبب رؤيته لسامويل.. همس يجيب:
" لا تقلق، لست و كأني سأموت مثلًا، رغم أنها أمنيتي حاليًا."

لم يرُد عليه، بل أشاح بوجهه عنه يائسًا، نحو القاضي الذي ضرب بمطرقتِه سطح مكتبِه لينطق بصوت جهوري:
" عائلة آشورا لتتقدم للدفاع عن نفسها بشأن ما قدمه آرين آليكساندر .."

الصوت اختفى، مع اختفاء ادراكِه لما يحدث .. شاردًا في أفكارِه المشتتة .. ماذا عليه الإختيار؟ .. أيختار والدتِه التي لم تُبالي به يومًا؟ أم والده الذي عاد إليه بعدما تبرأ منه و تمنى موتِه بأحد الأيام؟ .. ليس و كأن إختياره لوالدتِه أفضل، فهي لم تهتم به يومًا بكل جدية! .. يذكر جيدًا أنه رآها بكل مرة تقف كالجماد تتركه لسامويل يُنزل به أشد العقاب دون التحرك لضمِه حتى ، رغم ذلك كانت تكتفي بالصراخ عليه ناهرة إياه عن فعلها مجددًا، لكنها في الحقيقة ضعيفة، ضعيفة جدًا لمنع ما يحدث معه! .. بينما والده، لازال غير متقبلًا إياه فحسب .. ظهورِ آرين المفاجئ غيَّر الكثير بداخله، ليس و كأنه ليس له يد بتلك الجريمة الشنعاء بحقه! .. فلو لم يرفضُه قبلًا ما كان كل ذلك سيحدث معه! .. نظر إلى سامويل و ملامحه بشرود .. الشخص الذي لم يجد فرصة واحدة و تركها للقسوة عليه بكل جبروتِه! .. يُدرك أنه يستغلِه لأجل أولاده الثلاثة الموجودين حاليًا يناظروه بصمت! .. لما فقط مُحتار بشأنهم؟

يدٍ ما من العدم أمسكت بكتفه و قد أيقظته من شرودِه، لينظر لتلك الزرقاوتين القلقة رادفًا دون وعي:
" نعم سيد آرين؟"

و سمعِه التقط ضربة ناهية من مطرقة القاضي و هو ينطق منهيًا الحوار:
" انتهت الجلسة، سيكون السيد آرين آليكساندر هو الحاضن الرسمي و الاب للفتى بعد موافقته التامة ."

وجوم! وجوم شديد احتل تقاسيم الجميع و معه حل صمتٌ ثقيل عليهم بعدما غادر القاضي!

هنا انتبه آش عما نطق به! و كأنه سيختاره وحسب! .. كان سيختار أن يوضع في ميتمٍ ما على أن يذهب مع أحدهم ، لكن سؤالِه الغير واعي كان جوابًا للقاضي! .. تبًا لشروده الذي وضعه بهذا المأزق!

رواية " ديجور "(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن