p.19

602 54 41
                                    


في ليلةٍ شديدة الظُلمة، السيول أغرقت تلك المدينة و البرق ضرب السماء كصقورٌ ثائرة، هناك ما بعث الفوضى بالكامل في أرجاء المدينة، و الطقس المضطرب كان و كأنه يبكي متألمًا على ما صار من مجزرةٍ صادمة!

فأمام قصر تِلك العائلة الهادئة و المحبة كانت أنوار مصابيح الضوء المتصل بالسيارات يعمل، و الفوضى عمَّت أمامه رغم أنَّ الساعة كانت قد تجاوزت الثالثة فجرًا! .. سيارات الشرطة انتشرت، و الناس تجمهرت أمام القصر جوار عدد من الصحافة يتبادلون الأحاديث بصدمة و تُقشعِر أبدانهم من هول ما رأوا! .. شئ لم يكن له مثيل! .. شئ مُخيف و صادم!

و من بين كل ذلك الحشد تحركت قدميهما تدفع الناس بعيدًا، بينما يصرخ بهم بذعر بأن يبتعدوا عن طريقِه!

و أمام ذلك المنزل الذي جمعه بأحب ما يملك، وقف مشدوهًا تتسمر قدميه بصدمة! .. جدران القصر الممتلئة بالدماء جعلته يقف غير قادر على النطق! .. خصلاته تناثرت على وجهه و أنفاسه المضطربة تجعله يكاد يقف .. هنا كان كل شئ يملكه! .. و هنا خسر كل شئ! .. بسبب غباءِه هو خسر! .. لأنه قرر تركهم و السفر لأجل تلك الصفقة! ..

" لا تتركني آرين "

صدى صوتها داخل عقله وهو يتحرك كالميت نحو القصر ..

" لنذهب في نزهة أبي! "

ارتعش فكه! .. هناك عقدة مريرة داخل قلبه تتفاقم مع مرور الوقت .. فتح فاهه و حاول الهمس لكنه فشل! .. دموعه تساقطت بسرعة! .. و رغم اليد التي أمسكت به غير راغبة إياه بالدخول نحو المنزل الَّا انه دفعهم عنه و أسرع بسيرِه للداخل!

ما إن توقف منتصف منزله و رأى الخدم و زوجته جوارهم صرعى حتى خارت قواه ليسقط على ركبتيه يبكي قهرًا و ألمًا، هنا كان يلمح من بين ذراعيها ابنته المشقوق ظهرها بسكين مطبخ! .. شهق بصدمة تتسع عينيه بأنفاسٍ تكاد تُسلَب .. ابنته! .. زوجته .. الخدم! .. و حتى حارس القصر المرمي خارجًا!!!

نهض بصعوبة ، لا يُدرك أهذا حُلم أم واقع؟ .. اقترب من زوجته و ركع جوارها، يُحدق في وجهها الساكن المُلطخ بالدم ، يتذكر كم كانت ألطف شخصٍ بالعالم! يتذكر حديثها معه، ضحكاتها، لُطفها! .. يتذكر كم بقت داعمة له في كل مجالات حياتِه! .. لقد كانت أول شخص يمد له يد العون! .. لا تزال ذاكرته تتذكر صوتها و الذي فقده الآن! .. أخذها بحضنه تُفرز دموعه بغزارة، أنه يريدها الآن من بين كل الأوقات! .. لما قتلوها؟! و لماذا؟!

أمسك بيد طفلتِه الباردة، و شهق أكثر يُغمض عينيه غير راغبًا بإكمال النظر لما فقدِه! .. لقد كانت طِفلة!
.. كانت طفلتِه! .. فبأي ذنبٍ قُتلَت؟!!

عيناه الباكية تشنجت لرؤيتِه لما خلفهما و اتسعت، كان هناك و جوارِه ارتمت عصاته التي يستند عليها .. هناك رصاصة بارزة منتصف رأسِه و قد سقط على ظهره، بينما جوارِه كان شقيقه الأكبر و كارولينا ثم ابنيها!

رواية " ديجور "(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن