No.15

845 76 62
                                    

كان يومًا عاديًا حينما انتشرت الأمطار تُغرق الأرض بغزارة! .. الجميع في هذا اليوم التزم في منزله لأجل عاصفة مفاجئة قوية قادمة أنذر بها مسؤولي الطقس ، لكن ذلك لم يكن بحاجة ليهتم به ذلك الفتى الذي استوى أسفل المظلة في محطة الباص.

حينما ضرب البرق السماء و اشتدت الغيوم بكثافة ناشرة جوًا مرعبًا و كأنها تنذر المدينة بإغراقها بالماء،  كان هو واقفًا جاذبًا من حوله سترته الغامقة الثقيلة التي أصابتها بعض رذاذ المطر .. أغلق حوله الحزام و استقر جالسًا أسفل مظلة المحطة ينتظر الباص أن يصل .. الليل كان مُخيمًا بالفعل بينما يتذكر أنهُ ترك المنزل منذ الصباح غير قادرًا على البقاء فيه ، رؤية هؤلاء في منزله كان أشبه بجحيمٍ أرضيّ يجعلَهُ يطلب إحراق القصر .. في الأيام الماضية لم يُرحم من تمتمات إخوة والده عنه و كذلك زوجة الأخ الأكبر لأبيه .. لقد كانت تستفزه بنظراتها و تمتماتها عنه ... السكوت مِن قبل والده و عمه أكيرا كان يُزعجه،  فهما يعلمان جيدًا ما يُقال من أسرته .. في حين أنَّ رب المنزل ذلك العجوز يجلس صامتًا أو مريضًا بالمنزل،  هو حتى لم يسمع صوتِه من قبل سوى من أخر مرة رآه!

الأيام القادمة ستبدأ اختباراته و هذا ما كان يخاف حدوثه وسط عاصفة حياته تِلك! .. لكنه أمر لا مفر منه في نهاية المطاف!

عيناه لمحت السماء تنشر رذاذها أكثر،  فظل يُحرك قدمه بعصبية،  يتذكر أخر مرة رأى فِريد بها ، و بالآونة الأخيرة أصبح يرى الكثير من الكوابيس عنه .. لم يأتيه فِريد منذ ذلك اليوم حتى انهُ لم يأتيه حين ماتت والدته .. و حقًا أ كان يجب أن يبتعد عنه الجميع؟! ... هو حرفيًا أصبح وحيدًا جدًا !

احتضن نفسه فالبرد كان قارصٌ لدرجة أنه اخترق السُترة الثقيلة التي يرتديها مُتخلخلًا في عِظامه ،  تنفَّس و قد رأى البُخار يخرج من بين شفتيه! .. اهتزاز هاتفه لم يجعلُه يفكر باخراجه حتى بل ترك نفسه ليدلُف وسط شرود لا مُتناهي منه! .. لكنه حينما انتبه عقد جبينه بضيق،  ربما سيحصُل على توبيخٍ حاد من والده،  لهذا هو يُفضل الجلوس وسط هذا البرد و العاصفة القادمة على ألا يعود لمنزله! و السبب؟ .. لا يعرف،  ربما بسببك غضب أبيه حين يعرِف بما قام به من خلف ظهره؟

لكنه رغم ذلك كان يشعر بخِفة وزنه،  لقد ذهب للشرطة و أعطاهم ذلك السلاح الذي سرقَهُ من خلف والده أمس و اليوم ذهب بقدميهِ ليطلُب فتح قضية والدتِه مجددًا فاصحًا عن كل ما حدث ذلك اليوم،  و أخبرهم كذلك أنَّ السكين يحمِل بصماتِه الشخصية ،  برغم خوفه الا أنه تحلَّى بشجاعةٍ مُزيفة بينما يحكي للمحقق كل شئ! .. لقد ظن أنهم سيأخذوه لكن المحقق طلب منه العودة لمنزلِه،  يُدرك أنَّ ما حدث سيجعله محط الأنظار،  و لا شك كذلك بأنَّ الصحافة الآن تُطالِب آرين آليكساندر بإخبارهم بكل الحقائق لكنه ببساطة سيزداد قهرًا من فعلته و يطردهم!!

اهتز الهاتف مجددًا في جيبه ،  فأخرجه ينظر لشاشته التي لا تزال مكسورة ، لقد علِم ذلك ، كان والده المُتصل و عمه آكيرا .. أجاب أخيرًا ينقبض قلبه مع صرخة حادة من والده و هو يُخاطبه بعصبية دون مقدمات:
" أين أنتَ آش؟ أقسم لو كذبت عليّ سيكون أخر أيام عُمرك! "

رواية " ديجور "(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن