" نوعًا ما أدركتُ مدى بُعدي الشديد لمعرفة إيقاع الحياة المناسب .. لما أنا هنا؟ .. و ما قد يحدث معي لأني هنا؟ .. تبدو الحياة دائمًا مِثالية لأشخاص أخرين ما داموا هؤلاء يملكون ما لا نملكه نحن .. و إن مررت بنفس التجربة ستجد حياتهم أكثر صعوبةً من حياتك .. الادراك اللغوي لشئٍ ما أصعب بكثير من إدراكك الحِسي رُغم ذلك .. أحيانًا نقِف عاجزين عن إرواء مشهدًا ما بأعيننا رغم فِهمهِ بطريقة مثالية .. أما إدراكنا الحِسي بأنْ نرى موقفٍ مؤلم أو مُفرح فنشعر من خلاله أننا في وسطِهِ تمامًا .. و كأننا كيان مطابق للشخصية التي نراها أمامنا .. في أحيانٍ أخرى ندرك أنَّ وعينا أغلب الوقت مُشوش .. نحن نرى حياتنا الحالية فقط .. موقفنا الوحيد فقط .. مشاعرنا فقط! .. و .. ألمنا فقط!الحياة ليست بسيطة، لكنها تظل حياة .. ربما لأنها حياة فهذا أكثر من كافي لنحمد الله على أنها كذلك .. كل أمورنا السيئة فيها تجعلنا نُدرك أننا أكثر حظًا من الأموات ربما لأننا لازِلنا نملُك وقتًا لتكفير ذنوبنا .. رُغم ذلك فإننا لازلنا نريد أن نُصبح كما نريد .. يومًا ما على الأقل نصبح ما نريد! .. نألف حريتنا، و نستشعر مسيرتنا التي كنا نرغب الخوض فيها .. دون أن تتبلد مشاعرنا، دون أن نفقد شغفنا .. و دون أن نفقد أنفسنا فجأة أمام مصائب الحياة و الابتلاءات! ."
وضع قلمه جانبًا يُحدق في كلماتِه المدونة في الدفتر الأسود ذا الأوراق الغريبة التي أهداه له فريد .. ربما انزاح ثِقل ما يشعُر و لو بالقليل! .. هل سيصبح يومًا ما، ما يُريد؟ .. أم ستقتله أمور الحياة رويدًا في هذا السِن، ليجد نفسه مُحاط فجأة بعالم رمادي ذائب المشاعر؟
أزاح رأسه للخلف مُحدقًا في سقف غرفتِه .. مشاعره الطاغية عليه الآن ما هي سوى برمجة لما حدث معه سابقًا .. زفر باسترخاءٍ ينهض عن مقعده .. ثم وقف بمنتصف الغرفة يُحدق في كل شئ، السرير الوثير، الخِزانة و المقعد ثم المكتب و خلفه المكتبة .. الستائر و الضوء المُسرب من بينها ثم .. الوِحدة!!
ارتجف فجأة يُدرك لتوِّه أنه مهما تعدد من حولِه فهو وحيد .. وحيد تمامًا أمام مساوئ هذه الحياة!
-"تُدرك كونُك أشد احباطًا من حياتك صحيح؟ "
رفع نظرَهُ نحو الظل الأسود الذي يقف أمامه حيثُ تقدم منه تاليًا .. كان هيكل آدمي مُكون من الظلام، و على الرغم من ذلك فهو لم يكُن يُخيفه، بل و وجد نفسه يتقدم نحوه كما يفعل ، يداه لامسته للحظة ثم ابتعد هامسًا:
" مَن تكون؟ "و ابتسامة لاحت على شفتيهِ مائلًا رأسه:
" لستُ سوى فِكرًا مُجسدًا أمامك، أنا لستُ سوى جانبًا أسودًا منك .. أنا الجانب المظلم من ذاتُك! "
أنت تقرأ
رواية " ديجور "(مكتملة)
Actionبأفكارٍ سوداوية، أحكي قصتي، بدموعٍ بلون الدماء أخطو بقلمي، ألوث اوراق دفتري الذي غزته يومياتي المظلمة، أيامي و حياتي التي لُوِنت بقبح هذا العالم ! حين تُحيط بنا الظلمة كان علينا أن نكون عتمة! رواية سوداوية بنهكة المشاعر ! "تمت" . . . بدأت كتابة...