chapitre 2:

1.3K 73 6
                                    

- ‏سأحبك كأنك كتابي المفضل ، كأنك أغنيتي الهادئة ، كأنك عطري الأحب ، سأحبك وكأنك أول العالم وآخره ♥️

~~~~~~~~~~~~~~

جلست على الكرسي الخشبي العتيق بجانب كريستينا دون أن أزيل حدقيتي من مصاص الدماء اللعين الذي تعمد الجلوس أمامي ليرمقني بنظراته الحارقة تلك ، دحرجت عيناي بملل وأنا أنقل نظري نحو المدير الذي عرفت ما إن دلفت إلى مكتبه أنه عنقاء ، لقد بدى كشاب ثلاثيني بشعره الأصهب الكثيف وعيونه العسلية الجذابة ، ولكن أن أتحداكم وانا متأكدة بانني من سيربح التحدي أن عمره يتجاوز الستين سنة ، كان ينظر إلي تارة بصمت ويحول نظره تارة أخرى نحو مصاص الدماء ذاك ، ليكسر الصمت صوت كرستينا البارد : لا أظن بأننا سافرنا كل تلك المسافة لنأتي هنا و نحدق في وجوهكم الوسيمة ؟!
إبتسم المدير باتساع وهو يحول نظره نحوها ، لقد بدا لطيفا لحد ما ، على الأقل أكثر لطفا من البغيظ الذي سيحفر حفرة في رأسي قريبا إن استمر في التحديق في وجهي بتلك الطريقة الغريبة ، قاطع حبل أفكاري صوت الأصهب : أنت الآنسة كرستينا أليس كذلك ؟
أرجعت كرستينا خصلات شعرها خلف أذنها بيدها بغرور وهدوء وهي تمد اليد الأخرى نحو المدير لتجبره على أن يمد يده هو الآخر لقبل يدها بنبالة كأحد النبلاء في العصور الوسطى وهي تقول بنبرتها المتبجحة التي ستصيبني بالغثيان قريبا : لك شرف الإلتقاء بأجمل ساحرة في العالم !!
تحولت ابتسامة المدير إلى قهقهة عالية وهو يحدث مصاص الدماء ذاك : إدوارد ! أنا أحببت هذه الفتاة !
زفرت بقوة وأنا أحدثه هذه المرة : و ستحبك هي أيضا إذا تشرفت وأخبرتنا بقوانين هذه الأكاديمية اللعينة ، وأكرمت علينا بإخبارنا كيف ننهي تسجيلنا هنا !
تغيرت نظرة المدير إلى أخرى مختلفة تماما عندما حدق في وجهي بشرود ، حسنا !! أنا أعرف بأنني فتاة جميلة جدا ولكن أن يعجب مسن بي ، هذا يعتبر إهانة لجمالي ، ولكن نظرته تلك كانت تحمل شيئا لم أفهمه أبدا ، لقد كان وبطريقة ما يرسل شعورا دافئا لقلبي ، وهذا ما جعلني أغضب أكثر ، أنا لن أسمح لأحد بأن يخدعني بهذه الطريقة ، كنت على وشك التحدث مجددا عندما قالى بلطف : لقد تم بالفعل إنهاء جميع الإجراءات اللازمة للالتحاقكما بهذا المكان ، أما فيما يتعلق بالقوانين ، فهذه الأكاديمية كالغابة أيتها الصغيرة ، القانون الوحيد هو البقاء للأقوى .
عقدت حاجباي بغضب ، أنا لا أحب أن يعاملني أحدهم بهذا اللطف المبالغ فيه ، للانه كلما حدث ذلك إلا وانصدمت بهذا الشخص ، وأنا لا أريد أبدا أن أكرر أخطاء الماضي ، ولم أهتم أبدا بمن أنهى إجراءات تسجيلنا هنا ، لذلك توقفت قائلة : جيدا ! من سيأخذنا لغرفتنا يا سيد آرثر !!
لقد عرفت ٱسمه لأنني رأيته مكتوبا على لافتة معلقة في الباب خارجا. السخيفة التي جلبتها معي تحدثت وهي تتوقفت لتضع كلتا يديها على مكتبه بابتسامة لعوبة : و
سأكون سعيدة إذا ذهبت معنا بنفسك يا آرثر .
هذه الفتاة ستصيبني بجلطة دماغية ، منذ متى أزالت الألقاب ، وما بال ذلك الآرثر الذي يستمر بالإبتسام ؟ لما ليس حقيرا كمصاص الدماء السخيف هذا ؟ أو مثل مدير الميتم اللعين ، أظن بأنني أحببت ذلك الأصلع أكثر من هذا الأصهب المثير للشبهات .
تحدث مجددا بنفس النبرة اللطيفة وهو يوجه نظره نحوي : كنت سأرغب كثيرا في إيصالكما ولكن سأترككما مع إدوارد ، وأعدكما أنكما ستحبام المكان هنا كثيرا !
تجاهلته كما فعلته مع كرستينا التي تذمرت بصوت عال وأنا أنقل نظري نحو إدوارد قائلة : أظن بإن يومك سيزداد سوءا الآن ، وهذا جيد جدا بالنسبة لي ، لذلك تفضل وأوصلنا لغرفنا أيها الخفاش .
صر على أسنانه بغضب وهو يقف متوجها نحو الباب هامسا : سأجن قريبا ! ذلك البارد اللعين جاء للأكاديمية اليوم وهذه البشرية عديمة القيمة تأتي لتنعتني بالخفاش ، سأجن ... سأجن !
   رسمت إبتسامة ساخرة على وجهي وأنا أجر كرستينا من يدها لنلحق به ، ألم تكن تقول منذ لحظات بأنها تريد مستذئبا، لما هي الآن تحدق في ذلك العجوز كأنه كنز عظيم وجدته أخيرا منذ قرون من البحث عليه .
   كان الصمت رفيقنا الرابع ونحن نتوجه نحو الجناح الخاص بالطالبات ، طوال الطريق سمعت همسات الطلاب وشعرت بنظراتهم المستخفة والمستنكرة لتواجدي هنا  ، أكره هذه المخلوقات المتبجحة التي تظن بأنها أقوى من الجميع ، القانون الوحيد هو البقاء للأقوى  أليس كذلك ؟ إذن لكم ما أردتم ، توقفت عندا بوابة سوداء عندما إلتفت إدوارد لينظر إلي بعيونه السوداء كقلبه : أتمنى لك إقامة سيئا وأياما غير مريحة هنا ، أكروست !
رفعت حاجبيا بسخرية وأنزلتهما بسرعة وأنا أدفع الباب بيدي قائلة بنفس نبرته الساخرة : صدقني لن تكون أسوء من أيامك القادمة لأنني هنا .
  دفعتني كرستينا الحمقاء لتدخل بلهفة إلى الداخل ، سمعت صراخها الذي كاد يفقدني سمعي : ما هذه اللعنة المذهلة !
عقدت حاجباي بعدم فهم وأنا أدلف إلى الغرفة لأرسم ابتسامة صادقة على وجهي بعدما شعرت برحيل إدوارد هامسا ببعض اللعنات ، لقد كانت غرفة رائعة ، كانت مطلية باللونين الأزرق و الأبيض ، مع بعض الزخرفات اليونانية القديمة في السقف، يتوسطها سريران منفردين تقسمهما خزانة رمادية كبيرة ، ولا أنسى تلك الأريكة الكلاسيكية المقابلة لطاولة خشبية دائرية ، لم أستطع منع نفسي من الركض نحو السرير لأقفز عليه لأستلقي  بسعادة  : النعيييم !!
شعرت بها تقفز على السرير بجانبي وهي تصرخ بحبور : أحببت هذه الغرفة كثيرا !!
التفت إليها وأنا أستند بخدي على يدي : أنا سبقتك إلى هذا السرير ، سيكون ملكي ...
لقد كان بجوار نافذة كبيرة تطل على الجزء الخلفي للأكادمية ، أي انها تطل على الغابة الكبيرة التي جئنا منها إلى هنا ، نظرت نحوي بابتسامة مشرقة وهي تدير إصبعها بشكل دائري ليحيط بها نور أبيض مشع  فالتصق السرير الآخر فجأة بسريري و انتقلت الخزانة التي كانت تفرقهما للجانب الآخر  :  الآن لن نتشاجر على من سيأخذ هذا السرير ، لأنهما أصبح سريرا واحدا الآن .
هززت كتفاي : أيا يكن !
أغمضت عينيا لأسترخي قليلا ، ولكن لا أعرف لماذا أشعر بالفراغ في قلبي ، لا أعرف لماذا فجأة بدأ شعور غريب بالتسلل إليه ، شيء ما بداخلي يريد مني النهوض واللحاق بشيء ما لا أعرف كنهه ، رفعت يدي لأتمسك بالقلادة الزرقاء التي تحيط بعنقي لأشعر ببعض السلام ، ولكن فجأة سمعت صوته يهمس باسمي : فاسيليا
فتحت عيناي برعب وتوقفت فجأة كما فعلت كرستينا ، إنه هو ، نفس الشخص الذي حدثتكم عنه سابقا ، إنه يقف أمامي ، ولكن كيف دخل إلى هنا ؟ لقد كان رجلا في الأربعين ربما من عمره ، ولكنه يبدو كشاب في العشرينات ، يمتلك شعرا أصهب كآرثر مدير هذه الأكاديمية ، ولكنه امتلك عيونا مميزة جدا ، عيونا رصاصية سرقت لون الغيوم الذي تتلون به في فصل الشتاء عندما تنذر بتساقط المطر ، كانت عيونه رمادية وآسرة ، لقد كان وسيما جدا ، حتى أنني أتساءل كيف كانت كرستينا تمنع نفسها من إظهار إعجابها به له أو لي فهي كما تقول تعيش حياة واحدة لذلك ستعبر عن جميع مشاعرها للجميع دون حياء سواء كان كرها أو حبا ، لقد كانت تحترمه جدا كما أفعل أنا ، ففي النهاية هو من كان يعتني بنا منذ صغرنا ، رغم أنه لا يرافقنا  دائما ولكنه دوما كان يظهر في لحظات ضعفنا ،حتى أنني أجهل كيف كان يدخل للميتم دون أن ينتبه أحد لهالته القوية وكيف كان ينقلنا بقواه من ذلك الميتم لساحة كبيرة في رمشة عين ليدربنا، هو من درب كرستينا على التحكم بقواها وهو من جعل منها ساحرة قوية جدا ، وهذا ما يجهله الجميع ، فهي دوما تستعمل قواها لتخفض من هالتها القوية ليظن الجميع أنها مجرد ساحرة مبتدئة ، كما أنه كان أحيانا يأخذني بمفردي لتلك الساحة ليدربني ، لولاه لما عرفت بما أمتلكه داخل جسدي البشري ، لقد كان قاسيا جدا في تدريبنا ولكنه دائما كان أكثر من يدعمنا ويساعدنا على النهوض عندما نسقط .... حدق مباشرة في عيوني الرمادية كخاصته هامسا مجددا : لقد أصبحتما جاهزتين لتخوضا قتالات حقيقية ، أهم ما أوده منك يا فاسيليا هو ألا تظهري أيا من قواك إلى أن أخبرك بذلك ، أما انت يا كرستينا فهنا ستجدين ما كنت تبحثين عنه منذ طفولتك ولكن لا تسمحي لمشاعرك بأن تجعلك تكشفين عن أسرارك أنت وأختك ، هل هذا مفهوم ؟!
   أكثر ما أحبه في هذا الشخص الذي لا أعرفه اسمه حتى أنه دوما يحاول جعلي ان وكرسيتانا أختين وعائلة واحد ، رغم أنه لا تربطنا أية علاقة دم ، وكانه يخبرنا بأن القوة ليست كل شيء ، بل امتلاك شخص يحبك دون شروط في الحياة يساعد كثيرا على تجاوز العثرات ، تنهدت وأنا أهز رأسي كما فعلت كرستينا ، ليبتسم هو برضى ويختفي كما ظهر فجأة ....
   إلتفتت نحوي كرستينا وعانقتني بقوة :  أتمنى لو كان والدي على قيد الحياة ، كان سيكون مثل هذا السيد الرائع ربما !
ابتلعت ريقي وأنا أرفع يدي لأربت على شعرها بهدوء ، وتكورت يدي الأخرى على شكل قبضة ، أنا أيضا أشعر بالأشتياق و الضعف ولكن لا أستطيع إظهار مشاعر الضعف التي تعتريني لأحد حتى لصديقتي  ، لأنني ببساطة فاسيليا التي يظن الجميع بأنها أكثر برودة من نار ذئاب مملكة فلايوولف : أنا هنا من أجلك كريستي وأنت هنا من أجلي !
                 
                          *****************
   كنت أرتب أغراضي داخل الخزانة عندما سمعت صوت الجرس معلننا أن وقت العشاء قد حان ، نظرت نحو كرستينا التي توقفت عن ترتيب أغراضها قائلة : رائع سآخذ ٱستراحة طويلة جدا لأسعد معدتي ...
رفعت حاجبي بسخرية : رتبي أغراضك أولا ثم ٱذهبي لتأكلي .
ابتسمت بشر وهي تنظر نحو الأغراض مرددة كلمات غريبة ، شعت عيونها بنور أبيض وفجأة رتبت أغراضها جميعا فقهقهت بصوت عال : هذا مسل جدا !
- لماذا لم تفعلي هذا منذ البداية يا آنسة متبجحة !
هزت كتفيها : لا أريد ان أجرح مشاعر صديقتي البشرية الضعيفة  .
تلونت عيوني بأزرق قاتم وأنا أقف لأحدق فيها ببرود عندما رأيتها تنحني دون إرادتها مرددة بصعوبة : توقفي أيتها اللعينة !
عاد لون عيوني للونهما الطبيعي ، وأنا ألتف لأغادر بانتصار الغرفة بعدما قلت لها بنبرة آمرة : رتبي أغراضي دون ٱستخدام أي قوة يا صديقتي المراعية ، ثم ابني حاجزا طاقيا غير مرئي حول الغرفة لكي لا يكشف أمرنا عندما نفقد السيطرة على قوانا ، وبعدها إذهبي لتسعدي معدتك ، أنا سأذهب لأستكشف المكان .
  خرجت من الغرفة وأنا أسمع تذمرها ونعتها لي باللئيمة ، هي لا تستطيع رفض أوامري أبدا ، توسعت ٱبتسامتي أكثر وأنا ألحق بالصوت الداخلي الذي يخبرني أن أتجه نحو المجهول ......
 

فاسيليا || مملكة فلايوولف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن