36_أحداث غامضة ( 2)

9.9K 969 32
                                    

أصبح السجن القابع تحت الأرض حيث كانت موجودة داخل إحدى زنزاناته أكثر إثارةً للخوف ، التأوهات التي تخرج منه والتوسلات بالرحمة استمرت دون انقطاع وفي المساء تتعالى الصرخات حتى بزوغ الفجر.

بقيت تشاهد الأكياس البيضاء التي تلونت باللون الأحمر الزاهي وهي تُجر من قِبل الحراس كل ليلة باستمتاع، تسليتها الوحيدة في هذا المكان القذر .

كانت قد خمنت ما يحدث بالفعل وكم كان الأمر متوقعاً منه، شخصٌ تم اعتباره رمزًا للعدل والرحمة.

كم سيكون المشهد رائعًا لو اكتشف الناس أفعاله وتم فضحه في العلن، ملامح وجهه ، الأعذار التي سيقدمها كل ذلك أصابها بالحماس.

لتقع نظراتها المستمتعة إلى الحارس الذي يختلس النظر إليها، ابتسمت له باتساع ليجفل ويُبعد نظره بسرعة بعيداً عنها.

ملامح الحراس الخائفة منها كانت مُسليةً أيضًا ، في كل مرة تشعر فيها بالملل كانت تحدق للحراس ليظهروا ملامح مضحكة ويبتعدوا عنها قدر المستطاع. حفنةٌ من الجبناء تتساءل كيف أصبحوا حراسًا ملكيين.

وفي ظل تصرفاتها الغريبة والمجنونة كان الشيء الذي لطالما استمتعت به هو استفزاز الملك الذي كان يأتي بين الحين والآخر، رغم أنها كانت تتعرض للضرب والجلد في كل مرةٍ استفزته إلا أن الأمر كان يستحق ذلك، ملامح وجهه والعروق التي تظهر في جبينه وكيف يصرخ بغضب جعلها تضحك من أعماق قلبها .

ومن الجانب الآخر ظن الحراس وبل تأكدوا من أنها أصيبت بالجنون؛ تصرفاتها وعدم مبالاتها لن تُصدر من مجرم يتعرض للضرب كل يوم تقريبًا إلا إذا كان مختلاً عقلياً.

كانوا يعدون الدقائق والساعات بانتظار يوم ميلادها الثامن عشر
ليس لأنه يوم ميلاد الأميرة المحبوبة إميليا وليس لأنه يوم مهم حيث تستيقظ فيه قوة النور، ولكن لشيء واحد فقط.

"التخلص من هذه المختلة "

عَلم كل من في القصر بأن الملك لن يدعها تعيش بعد ذلك اليوم ، وتم اعتباره أمراً مفروغاً منه وواجبٌ حدوثه لذا وبطبيعة الحال عاملوها كشخصٍ ميتٍ منذ زمن.

تمنوا أن يأتي ذلك اليوم بسرعة ليتحرروا من البقاء معها وتحمل رؤية جنونها يزداد لدرجةٍ شعروا فيها بأن جنونها سيصيبهم أيضاً
.
.
.
.
تدلى رأسها للأسفل بعد جولةٍ من استفزاز الملك والتعرض للضرب، الظلام حالك إلا من الضوء القليل المتسلل من النافذة التي على شكل نصف دائرة في أعلى نقطة في الزنزانة
لم يكن نهاراً وهذا هو الشيء الوحيد المتأكدة منه .

ارتعشت جفونها بقليلٍ من التعب، تتساءل كيف بقيت على وعيها حتى هذه اللحظة كانت لتكون ميتة في أفضل الأحوال في إثر هذه المعاملة وتراكم الجوع والعطش.

رائحة زكية تأتي من النافذة الصغيرة إلى زنزانتها كلما هبّ نسيمٌ في الخارج، كلما شمتها تشعر ببعض الطاقة تعود إليها لتضطر لتحمل يومٍ آخر داخل هذا الكابوس ، في كثير من الأحيان تمنت لو فقط تنام ولا تستيقظ أبداً لكن أمنيتها لم تتحقق .

وفي ظل أفكارها القاتمة سمعت صوت خشخشةٍ آتياً من النافذة الصغيرة، نظرت نحوها باستغراب فهي متأكدة بأن الملك منع أي شخصٍ من الاقتراب من هذه الجهة.

سمرت ناظريها هناك لتلمح ظلاً كبيراً وقف قبالة النافذة ليرمي بشيء إليها من خلال النافذة ثم ذهب

بقيت تراقب الظل حتى أختفى ثم نظرت إلى ما رماه إليها لتتسع عيناها من المفاجأة، هل يمكن أن يكون هذا الشخص هو..؟!

رفرفت البتلات البنفسجية بفعل نسيم الليل و انتشرت الرائحة الزكية بشكل كثيف.

زهرتان بنفسجيتان قبعتا على الأرض بالقرب منها وكأنهما تواسيانها في هذا المكان المعتم.

مدت يدها للحصول عليهما لكن السلاسل التي تقيدها حالت دون ذلك حاولت وحاولت لكن بلا أي فائدة وحين همت بمحاولة جديدة شعرت بلسعات في معصمها لتدرك أنه قد جُرح.

تنهدت باستياء ثم مدت قدمها لتصل إليهما هذه المرة بسرعة، رفعت قدمها إلى مستوى تصل إليه يدها لتمسك بالزهرتين أخيراً.

كسرت ساق الزهرة الأولى بإصبعها الإبهام ليتسرب سائل من مؤخرة الزهرة حيث يتصل بها الساق، لتبدأ بمص ذلك السائل الحلو بسعادة.

وفعلت المثل بالزهرة الثانية لتشعر بالتحسن وأخيراً وتذهب تقلصات معدتها بسبب الجوع .

كانت ممتنة للشخص الذي رمى إليها بالزهور وقد خمنت هويته بالفعل لكن أصابتها الحيرة من عدم تكلمه معها وذهابه فوراً دون أن ينبس بشفه.

هل فعلت شيئًا خاطئاً معه يا ترى؟
لماذا تركها بمفردها هنا هكذا ورحل؟

تبادرت الأسئلة إليها وخسفت بعقلها دون رحمة مسببةً صداعاً لها وألمًا خافتًا في قلبها .

أكثر ما أخافها هو احتمالية تخليه عنها ، لم ترد حتى تخيل الأمر .

"أرجوك عد وأخرجني " توسلت في قلبها.
.
.
.
.
مختبئًا بين الشجيرات جلس يراقب نافذتها الصغيرة بعينيه اللامعتين مستشعراً وجودها الدافئ هناك ، منتظراً لحظة اللقاء بفارغ الصبر.

『 perfect villain 𓆩♥︎𓆪شريرة مثالية』 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن