الفصل الأول

700 10 3
                                    

   كانَ يوماً ربيعياً رائعاً مُفعم بالحيوية والنشاط، كان المكان يعمه الهدوء لكن كَسر الهدوء صوتُ رنين الهاتف.

- ميار، هل لازلتى نائمه؟!

- ماذا تريد!

- ألم نتفق أن نلتقي ظُهراً في مكاننا؟

- يا إلهي! لقد نسيت، أنا أعتذر آسر سوف أجهز وأكونُ عندكَ فوراً، لن أتأخر وداعاً.

   جهزت نفسها سريعاً وإتجهت نحو غرفة جدتها.

- جدتي أنا عليَّ الذهاب، آسر بإنتظاري منذُ مده وقد تأخرتُ عليه.

- حسناً عزيزتي ولكن لا تتأخري.

   أوقفت سيارةَ أجره وأخبرتهُ العُنوان ولم يأخذ الطريق سِوى عشر دقائق؛ فقد كانت الطُرقات فارغه لحسن حظها حتى لا تتأخر أكثر من هذا، هبطت من السياره وإتجهت إلى مكانهم المُعتاد، مقعدٌ في آخر الحديقه بمكانٍ شبه مُنعزل يأتي إليه بعض الأشخاص المُحبينَ للهدوء بعيداً عن ضجيج الأطفال، كانت نقطه رائعه للجلوس؛ فمن حولها يوجد العديد من الزهور والأشجار وأمام المقعد بقليل توجد نافورة مياه تعطي للمكان جمالاً فوق جماله.

- آسر أنا أعتذر، أنا حقاً أعتذر، نسيتُ أن أضبطَ المُنبه ليلةَ أمس، أعدكَ ألا أكررَ الأمرَ مرةً أخرى.

- لا بأس إجلسي.

   ظلَ المكان يعمهُ الصمت قليلاً وظلوا يطالعون كل ما حولهم بهدوء.

- ما بكَ صامت! هل جئنا لكي نصمت؟

- سرحتُ ببالي قليلاً.

- بماذا؟

- كيفَ إلتقينا، أتذكرينَ ذلكَ اليوم؟ كانَ شعركِ طويلاً آنَ ذاك وكنتِ تجمعيه على شكل جديلةٍ في آخر طرفها شريطةٌ حمراء، كنتِ تبكينَ حتى إحمرت أنفك كما لون الشريطةِ تماماً.

- أجل أذكر، كان يوماً مأساوياً بالنسبةِ لي؛ فقد كانت أولُ مرةٍ تتركني أمي وحدي حينَ أوصلتني إلى الروضه، رحمها الله هي وأبي، يا إلهي كانَ الموقفُ مُرعباً لي وقتها حينَ إلتفتُ حولي ولم أجدها، شرعتُ فى البكاء فوراً ومهما حاولَ المعلمون إسكاتي بِشتى الطرق لم يقدروا، لم يقدر أحدٌ سواك، حتى الآن لا أعرف كيفَ رضختُ لك!

- أظنُ أنكِ وقعتِ في حبي لهذا السبب سرحتي بجمالي فنسيتِ البكاء.

- مغرور، ولكن إن أتينا للحق كنتَ جميل المحيا وكنتَ تفوقني قامةً قليلاً، أعتقد أنكَ كنتَ بالصف الثالث على ما أذكر؛ فأنتَ أكبر مِني بأربعةِ أعوام، كنتُ أنا بالرابعةِ من العُمر وأنتَ بالثامنه.

- هذا صحيح، كنتُ ألعبُ بالكره مع بعض الأصدقاء إلى أن رماها أحدهم بعيداً فذهبتُ لجلبها و وجدتُ بعضَ المعلمات مجتمعين حولَ شيءٍ ما، إقتربتُ قليلاً وقد إتضحَ لي صوتُ نحيب، دخلتُ من بينهم ورأيتكِ وقتها، لا أعرف لما ذهبتُ صوبَكِ ولم أعُد للعب حتى أني تركتُ الكرة أرضاً وإتجهت نحوك، كانَ الجميع حولك يحاولون تهدأتك ولكنكِ لم تَكفي عن البكاء؛ فعرفتُ أنه أول أيامك وأولُ مرةٍ تُجربينَ أن تكوني بدون أحد أفراد أسرتك، إقتربتُ منك وأخرجتُ من جيبي قطعةَ حلوى كنتُ قد إحتفظتُ بها كي آكلها لاحقاً، كانت بطعم الفراوله، وضعتها أمام وجهك وقد دُهشتي مِني للوهلةِ الأولى ثم ما أن ترائت لكِ الحلوى حتى شرعتِ بمسح دموعك وأخذتها من يدي، تناولتِيها على الفور دونَ النُطق بحرفٍ ودونَ أن تُزيحي عينيكِ عني.

- أجل أذكر هذا، لكن بعدَ ذلكَ أنتَ إختفيت ولم أعرف كيفَ، كنتُ أطالعك ولكن أحد المُعلمات أمسكت بيدي كي تأخذني لغرفة اللعب على ما أذكر وحينَ أعدتُ نظري نحوكَ لم أجدك، كُنتَ قد رحلت، كم خفتُ وقتها وقد دمعت عيني وذهبتُ مع المعلمةِ مكسورةَ الخاطر وبينَ فنيةٍ وأخرى كنت ألتفتُ خلفي عَلّني أراكَ، لكنك كنتَ قد ذهبت ولم أجدك، بمناسبة ذلك، أين ذهبت فجأه؟!

- أنا لم أذهب حقاً، أنا إختبأتُ خلفَ أحد الشُجيرات لأني كنتُ على علمٍ أني إن بقيت سوف تظلين إلى جواري ولن تذهبي، لا أعرف لماذا فعلتُ ذلك لكنني إعتقدت وقتها أن هذا هو الصواب وتابعتكِ ببصري إلى أن إختفيتِ، من وقتها وأنا قد حسمتُ قراري أن أحميكِ دائماً وأن أكونَ صديقاً لكِ دوماً كي لا تخافي وكي لا تبكي مرةً أخرى.


.

.


أهلاً بالجميع🥰

قمت بإعادة مراجعة قصة مغرقي وطوق نجاتي لتصحيح الأخطاء الإملائية وهكذا، وإن وجدتم أي أخطاء فنبهوني واعذروني 🙏🫶

أنتظر تعليقاتكم بفارغ الصبر ولا تنسوا الضغط على شكل النجمه فهذا يسعدني جداً وقوموا بإضافتي ليصل لكم كل جديد❤️❤️😘

مُغرقي وطوقُ نجاتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن