الفصل العاشر

561 33 9
                                    

   إستدارت ورحلت بَعيداً عنهُ تَنظُر خَلفها لِتراهُ يَلحقُها في صمتٍ لِتلتفت وتَصفعهُ بِكلِ قوتِها لِينظُرَ إلى أعيُنها.

- لِماذا توقفتي ميار؟ إصفعیني مِراراً وتِكراراً کي أشعرَ بِتلكَ الآلام التي بِداخلك.

- هل حقاً تظن أن تلكَ الآلام يمكن لأي أحدٍ أن يقدر على التعايُشِ معها؟! أنتَ جَعلتني أذوقُ أقصى أنواعِ الآلام والأن تُريدني أن أصفعكَ فقط کي تشعر بِها!

   أكملت دربها ورحلت عائدةً إلى تلكَ الغُرفه لِذلكَ الفِراش لِهذه الوسادة التي تمتصُ دُموعها كلَ ليله، إتجهت إلى شُرفةِ نافِذتها ناظرةً إلى السماء.

- يا إلهي أعلمُ أن كل ما حدثَ كانَ مُجرد إختباراتٍ، لكن ما تلكَ الإختباراتِ يا اللًٰه؟! لقد ذَبُلت أعيُني و تلاشت روحي، أنا لم أعُد أعلم إن كُنت سوف أستطيع إكمالَ تلكَ الإختبارات العصيبةِ أم لا، يا إلهي أريدُ منكَ إشارةً تَدُلني إلى الصواب، إن كانَ لي خيراً بِجواره فَاجعلني قادرةً على مُسامحته وأن أستطيع نِسیان تلكَ الآلام التي أشعرني بها، ولو كان لي شراً في وجوده فَأسألُكَ أن تَفصِلَ بين دَربينا.

   غَفت ليلتها بعدَ بُكاءٍ مرير ليسَ بِالجديدِ عليها؛ فَهي دائماً ما تظلُ تبكي وتنوحُ هجرهُ وحظِها إلى أن يُنقذها النوم، إستيقظت على صوتِ رنين هاتفها، ردت لكنها لم تسمع أي صوت.

- كيفَ عَثرتَ على رقمِ هاتفي! ألم أقل لكَ أن تَبتعد عني وألا تَعد مرةً أخرى؟

- أريدُ أن أراكِ في نفس المكان حيثُ إنتهی الكلام.

   ألقت الهاتفَ دونَ جواب وكُل ما جَالَ في خاطرها ذلكَ المكان الذي لم يَكن سِوى حديقه عامه إعتدادوا الذهابَ إليها دائماً، ذلكَ المكان الذي لم تُلامسه أقدامها سِوى مرةً فى يومِ مِيلادها الثامن عشر آملةً أن تراهُ هُناك في إنتظارها لِلإحتفال كما عاهدها سابقاً بِأنَ ذلكَ اليوم الذي سوفَ تَتِمُ فيه سَنتها الثامنة عشر سَوف يُقيم لها أكبر إحتفالٍ في ذلكَ المكان، لكنها عادت مكسورةَ الخاطر تَجُرُ خَيباتِ أمَلِها لِتُعاهد نفسها أنها لن تَذهب إلى هُناكَ أبداً.

- إذهبي وإستمعي لما سوف يقوله.

   نظرت إلى صديقتها التي إنتشلتها من ذكرياتها المريره متعجبةً.

- هل أنتِ من أعطيتهِ رقمَ هاتفي؟!

- نعم أنا من أعطيتهُ رقمَ هاتفك لِأنني أنا من كنتُ بِجِواركِ في غيابه وأنا الوحيده التي تَعلم أن فؤادكِ لن يُرممَ إلا معه، إذهبي إليه وإستمعي لهُ لِکي تُريحي ذلكَ الفؤاد الذي مات إشتياقاً إلى وجوده.

   كانت تغرقُ في صراعٍ ما بينَ عَقلِها الذي يُذكرها بِكُل تلكَ الليالي التي أهلكها فيها الدَمعُ والفِراق وبينَ فُؤادها الذي إشتاق لِلشعورِ بِنبضِ قَلبهِ ورؤيةِ طلتهِ البهيه، بِطوله وعرضِ أكتافه وفساحةِ صدره، بِيداه الناعمتينِ رغمَ شِدتها، بِعيناه الربيعيه المكسية بِالخُضره التي تأثِرُها مثل اسمه كُلَ ما وقعت خاصتها بِداخلها، إشتاقت إلى رائحتهِ التي تُضاهي عطر المِسكِ والعَنبر، ما كان لها بعدَ تلكَ التفاصيل إلَّا أن فازَ فؤادها المُغيب لِتَهم بِإرتداء أجمل ثِيابها وذَهبت، وها هي تراهُ جالساً في نفسِ المكان حيثُ كانوا يَتلاقون، أحست بِتلكَ الإنقباضةِ مُجدداً فَإلتفتت لِتعودَ أدراجها.

- ميار؟

   لم تَتمكن من الإلتفات له و واصلت سَيرها بَعيداً عنهُ لكنهُ لحقَ بها وأمسكَ بِيدها لِتصرخ به، أبعد يداه وطلب منها الجلوس والإستماع إليه لِلقليل من الوقت وفعلت.

- ما كُل هذا الكُره الذي أصبح بِداخلكِ تِجاهي.

- كُره! أنا لم أكنُ لكَ يوماً سِوى العشق، ما من وجودٍ لِكلمةِ کُرهٍ عِندي تِجاهك، أنتَ من جعلَ قلبي يبدأ دقاتهِ الأولى، كيفَ لي أن أكرهك؟! حتى بعدَ ما فعلتهُ لي أنا لا أستطيع أن أُبدلَ عِشقي لكَ بِالكُره، هل تذكر ما حدث قبلَ ثلاث سنوات آسر؟ هل تذكر عِندما طلبتُ منكَ المجئ إليَّ، وقتها كُنت في أشدِ الحاجةِ إليكَ عِندما ذَهبت من كانت تُضئُ حياتي بِحُبِها، إنتظرتُكَ لِدقائق والدقائق تحولت لِساعات وشهور وسنين دَمرت روحي والأن تريدُ مني أن أعودَ إليك! إن روحي لیست بِلا قيمةٍ کي أُعذبها من أجلكَ مرةً أخرى.


.

.


ما رأيكم بتصرف نادين وإعطائها رقم هاتف ميار إلى آسر؟ هل تعتقدون أن ما فعلته شيءٌ جيد أم سيء؟؟

مُغرقي وطوقُ نجاتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن