Ch.01

249 27 46
                                    

~ Celine - سيلين ~

الألحَان الصَّادِرَة عَن البِيَانُو الضَّخم الذِى أجلِس قِبَالتَه تَتَغَلغَلُ بِدَاخِل رُوحِي ..
أصَابِعِي التِى تَتَراقَص فَوقَ مَفَاتِيحه بخِفّة و سُرعَة تُثِير دَهشَتِي ..
عِندَمَا انتَهَت المَقطُوعَة ، نَهَضّتُ واقِفَة فِى اللّحظَة ذَاتَها التِى انفَجَر بِهَا التَّصفِيق الحَار ..
التَفَتُّ لأُواجِه الجَمَاهِير التِى تُحيِّيِنى و عَلَى مُحَيّاي ابتِسَامَة مُمتَنَّة و فَخُورَة ..
مُمتَنَّة لَهُم و فَخُورَة بِنَفسِي ، لِتَحقِيقِ حُلمِي ..!

عِندَ هَذِه النُّقطَة ، تَوَقَّف كُلُّ شَئ و عَمَّ الظَّلام ..
ظَلامٌ تَام ..
مَهلاً لَحظَة .. هُنَاكَ ضَوءٌ بَعِيد ..
* تِلكَ اللَّحظَة مِنَ الإدراكِ دَومَاً ما تُثِيرُ غَضَبِي ..!

"اللّعنَة عَلَى هَذَا الحُلمِ السَّخِيف " .. قُلتُ مَا إِن فَتَحتُ عَينَاى و أبصَرتُ الضَّوء البَعِيد ..
و الذِي لَم يَكُن سِوي ضَوءُ النَّهَارِ المُبَكَّر مُختَرِقَاً نَافِذَة غُرفَتِي لإيقَاظِي مِنَ التُّرّهَاتِ التِي كُنتُ أرَاها فِي حُلُمِي ..
يُرَاودُنِي هَذَا الحُلم عَلَي فَتَراتٍ مُتبَاعِدَة ، و اعتَقِد أن وُجُودِي هُنَا فِي هَذَا المَنزِل هُو السَّبب ..
يَجِب أَن أُسرِع و أَعُود إِلَي مَسكَنِي ، لَستُ بِحاجَة لِرُؤيَة هَذَا الهُرَاء عِندَ راحَتِي ..

استَغرَقَنِي الأَمرُ ثَلاتُونَ دَقِيقَة لِأَكُونَ جَاهِزَة لِلمُغَادَرة ، مَرَرتُ بِبَاب غُرفَة وَالِدي و لَم أطرُقه ..
إنَّهُ يَعرِفُ أَنّنِي رَاحِلَة ، لِذَا لا دَاعِي لِودَاعِه ..
لَيسَ الأَمرُ و كَأَنَّنِي لَن أَعُود ..
لَابُدَّ أَنَّهُ اعتَادَ الأمر ، أعتَقِدُ أنَّهُ فَعَل ...

************
*بَعدَ مُرُور سَاعَة مِنَ القِيَادَة*

تَرَجّلتُ مِن سَيَّارَتِي مُتَوَجِّهَة نَحوَ البّوَابَة الأَمنِيَّة ، نَظَرَ لِي حَارِس الأَمن بِنَظرَتِهِ الجَانِبيَّة المُتَفَحِّصَة المُعتَادَة ، و الَّتِي مَا يَزَال يَظُنُّ أَنَّنِي لَا أُلَاحِظُهَا ..
فِي العَادَة يَكُونُ الأَمرُ مُسَلِّيَاً ، لَكِن مِزَاجِي النَزِق لَم يَجِد الأمرَ كَذَلِك هَذِه المَرَّة ، لِذَا أَسرَعتُ الخُطَي و لَاحظتُ بِطَرفِ عَينِي أَنَّهُ مَا زَالُ يُحَاوِل النَظَرً إِلَيَّ بِطَرِيقَةٍ غَيرِ مُبَاشِرَة ، رُبَّمَا لِتَخمِين حَالَتِي المِزَاجِيَّة ، مَا هَذا العَبَث ؟؟!

دَلَفتُ إِلَي المَبنَي الرَئِيسِي و أنَا أُحَاوِل التَركِيز عَلَى القَائِمَة الّتِي أعدَدتُها فِى رأسِي طُوَال الطَّرِيق إلَي هُنا بِالأَشيَاءِ الَّتِي يُفتَرُض بِي فِعلُهَا اليَوم ..
حَسَنَاً لَا يُوجَد مَا يُفتَرَض بِي فِعلُهُ اليَوم ، لِأَنَّنِي مِنَ المُفتَرَض أن أَعُود غَدَاً و لَيسَ اليَوم ، ولَكِنَّنِي أعدَدتُ القَائِمَة عَلَى أىِّ حَال ، يَجِبُ عَلَىَّ التَوَجُّه إِلَي ......
قَاطَعَ تَفكِيرى أَحَدُهُم يَقفِزُ أَمَامَ وَجهِي صَائِحَاً :
" مُعَلِّمَتِي سيلين ، لَقَد عُدتِي بَاكِراً ..! "
زَفَرتُ بِتَوتُّر ، قَائِلَة :
" ثيو !! كَم مَرَّة أَخبَرتُكَ أَلَّا تُنَادِينِي بِمُعَلِّمَتُك ، نَحنُ لَسنَا فِي مَدرَسَة ! "
أَجَابَنِي بِابتِسَامَة حَذِرَة و نَظرَة فَاحِصَة تَدرُس تَعَابِيرَ وَجهِي بِدِقَّة :
" المَعذِرَة ، آسِف لَقَد نَسِيت ، لَكِنَّكِ تَعرِفِينَ أنَّنِي أُحِبُّ دَعوَتَكِ بِمُعَلِّمَتِي ، عَلَى أىِّ حَال .. هَل أَنتِ بِخَير ؟؟ هَل هُنَاكَ مَن أَزعَجَكِ ؟؟ هَل هُو حَارِس الأمن الأحمَقِ ذَاكَ مُجَدَّداً ؟؟ "
قَالَ الجُزءُ الأَخِير مِن كَلَامِه بِتَعبِيرٍ غَاضِبٍ مُصطَنَع ..
لِلَحظَةٍ شَعَرتُ أنَّ الضَّبَابَ انقَشَعَ بِدَاخِل رأسِي قَلِيلاً و سَمَحَ لِبَعضِ التَسلِيَة بِالتَسَلُّل لِلدَّاخِل ، فابتَسَمت !!
يا إِلَهِي ، كَيفَ يُمكِنُنِي مُقَاوَمَةُ جُهُودُ هَذَا الطِفل ؟؟!
أخفَيتُ ابتِسَامَتِي سَرِيعاً و قُلتُ بِتَعبِيرٍ جَادّ :
" مَن يُزعِجُنِي حَالِيَاً هُوَ أَنتَ ، لِذَا ابتَعِد عَن طَرِيقِي يا فَتَى .."
ابتَسَمَ (ثيو) ابتِسَامَتَهُ العَرِيضَة المُنتَصِرَة الَّتِي أُحِبُّهَا ، لابُدَّ و أنَّهُ لاحَظَ التَّغيِير الطَّفِيف الَّذِى طَرَأَ عَلَى مِزَاجِي ، و قَبلَ أن يَقُولَ كَلِمَةً أُخرَي امتَدَّت يَدٌ مِن خَلفِهِ و جَذَبَتهُ مِن يَاقَة سُترَتِه و صَاحِبُهَا يَقُول :
" تَوَقَّف عَنِ العَبَثِ بِالأَرجَاءِ و اذهَب لِإنهَاء مَهَامِك "
لَم يَكُن هَذَا سِوى (أليكس) ..
صَوَّبتُ لَهُ نَظرَة تَحذِيرِيَّة فَأَرخَي يَدَهُ عَلَي الفَور ، لَقَد سَبَقَ و أَن أوضَحتُ الأَمرَ تَمَامَاً مِن قَبل ..
غَيرُ مَسمُوحٍ عَلَى الإِطلاقِ لِأَىِّ شَخصٍ أن يَقتَرِبَ مِن (ثيو) بِطَرِيقَة لا أجِدُهَا لائِقَة أو يُملِي عَلَيهِ الأوَامِر ..
أنَا فَقَط المَسمُوح لَهَا بِذَلِك !
عَلَي الرَّغم مِن أَنَّهَا لَيسَت قَاعِدَة رَسمِيَّة ، بَل قَاعِدَتِي أنَا الشَخصِيَّة ، و قَد التَزَمَ الجَمِيعُ بِهَا احتِرَاماً لِرَغبَتِي مُنذُ أَن جَعَلتُ الأمرَ واضِحَاً لَهُم فِيمَا يَخُصُّ هَذَا الشَأن ..
قَالَ (أليكس) بِنَبرَة عَمَلِيَّة فِي مُحَاوَلَة مِنهُ لِصَرف انتِبَاهِي :
" لِمَ تَعُودِينَ دَومَاً قَبلَ انتِهَاء أيَّامِ إِجَازَتَكِ ؟؟ هَل أنتِ مُدمِنَة عَلَى العَمَل أم تَعشَقِينَ المُعَانَاة ؟؟! "
قَالَ (ثيو) بِعَبَث :
" هُنَاكَ إِجَابَة ثَالِثَة ، إنَّهَا تَشتَاق لِي ، لِذَا تَعُود سَرِيعَاً "
قَلَبتُ عَينَاي بِضَجَر و استَدَرتُ مُبتَعِدَة دُونَ أن أُجِيبَ عَلَى أيٍّ مِنهُمَا ، مِزَاجِي لا يَحتَمِلُ حَقَّاً ..
تَنَاهَي إِلَي مَسَامِعِي صَوتُ أليكس يقول لثيو مُحَذِّرَاً :
" حَرِيٌّ بِكَ أن تَذهَبَ رَاكِضَاً لِإتمَامِ مَهَامِك ، قَبلَ أن تَكُونَ ضَحِيَّة لِغَضَبِهَا لَاحِقَاً "
لَم أُلقِ بَالاً لِمَا قَالَ و تَابَعتُ طَرِيقِي حَتَّى الصَّالَة الرِيَاضِيَّة ، وَجَدتُّها فَارِغَة إِلَّا مِن (ستيڤ) .. كالعَادَة !
حَيَّانِي بِهُدُوء بِإيمَائة سَرِيعَة مِن رَأسِه ، و تَابَعَ تَدرِيبَهُ دُونَ أن يُلقِي تَعلِيقَات عَن عَودَتِي مُبَكِّراً أو عُبُوسِي الوَاضِح ..
هَذَا أكثَر مَا أُفَضِّلُهُ بِشَأنِه ، إنَّهُ ذَكِىٌّ لِلغَايَة و دَقِيقُ المُلاحَظَة ، لَكِنَّهُ يَعرِفُ جَيِّداً مَتَي يَتَحَدَّث و مَتَي يُؤثِرُ الصَمت ..
ذَهَبتُ لِتَبدِيلِ ثِيابِي و عِندَمَا عُدتُ كَانَ قَد غَادَرَ بِالفِعل ، بَدَأتُ بِالإحمَاءِ و أنَا أُحَاوِلُ تَصفِيَة ذِهنِي ، لَكِن (ستيڤ) عَادَ مُجَدَّداً و قَالَ بِلَهجَة مُوحِيَة :
" يَبدُو أنَّ المُدِير قَد عَلِمَ بِعَودَتَكِ المُبَكِّرَة ، إِنَّهُ يَطلُبُ رُؤيَتَكِ .."
هَزَزتُ رَأسِي فِي صَمت و تَحَرَّكتُ لِلمُغَادَرَة و أنَا أتَسَاءلُ عَن سَبَبِ دَعوَةِ المُدِيرِ لِي ، حَسَنَاً أيَّاً يَكُنِ الأَمرَ سَأعرِفُهُ بَعدَ قَلِيل ..

Shadow Play حيث تعيش القصص. اكتشف الآن