~ چون - John ~
* قبل عدة ساعات *
أصابعي تتحرك فوق البيانو بسلاسة و ألحانه تغمرني بالدفء ..
هذه طريقتي فى مواجهة الأمور السلبية أياً كانت ..
يوم عمل شاق .. مشاعر مضطربة .. وحدة ..و غالباً ما ينجح الأمر ، تستطيع الموسيقى إنقاذى دوماً ، لكن هذه المرة هناك أمر غريب ..
رأسي يعجّ بالفوضي و لا أستطيع نسيان ما رأيته ..حاولت الإنشغال بالعزف لساعات لكن دون جدوى ، ثم سمعت صوتاً من الأسفل جعل أصابعي تتجمد فوق مفاتيح البيانو ..
صوت باب غرفتي .. !الوقت متأخر للغاية بالفعل و لا يوجد أحد غيري مستيقظ ..
نهضت من جلستي و تحركت بسرعة نحو الدرج ، هبطت للطابق الأسفل ، كان باب غرفتي نصف مفتوح ، تسارعت دقات قلبي لسبب غير مفهوم ..تحركت بهدوء ثم دفعت الباب لأفتحه بالكامل ، ثم فجأة لم أعد قادراً على التحرك خطوة واحدة ..
كان الباب المؤدى للشرفة بغرفتي مفتوحاً ، و هناك فتاة تقف بهدوء تام ..ترتدي رداءاً طويلاً باللون الأبيض الناصع ، و تمتلك شعراً أسود طويلاً يصل حتي أسفل ظهرها ، كان ضوء القمر يضفي عليها هالة غريبة ..
هبت نسمات من الهواء البارد المحملة برائحة المحيط فحركت خصلات شعرها و حينها التفتت لى ..كان شعرها يخفي ملامح وجهها بسبب الرياح ، لم أر منها عيناها ..
عينان باردتان و عميقتان كالمحيط ..
و بشكلٍ ما .. هادئتان للغاية أيضاً ..ثم همست بخفوت :
" سأعود مجدداً !! "
و فى ذات اللحظة اختفت من أمام ناظرى ..
قَفَزت من الشرفة .. !فى اللحظة التالية فتحت عيني عن آخرهما ، و قلبي يهدر بعنف داخل صدرى ..
نهضت من الفراش و هرعت نحو الشرفة و كأنني اتأكد مما رأيته ..لكن لم يكن هناك سوى الفراغ الممتزج بصوت أمواج المحيط و الهواء البارد ..
تنهدت بإحباط لم أفهمه ..
كانت المشاعر التى تراودني قوية و غريبة ..لم يكن ما شعرت به خوفاً ، بل كان شبيهاً باندفاع الأدرينالين فى جسدى ..
كانت هذه المرة الأولى التى يراودني فيها أى حلم على الإطلاق....لا أذكر أنني شاهدت أى أحلام أثناء نومي منذ كنت طفلاً ..
عدت أدراجي إلى فراشي لمحاولة العودة للنوم ، استلقيت على ظهرى و لا أستطيع التفكير سوى فى عيناها تحدقان بي بعمق ....**************
إنه الصباح الآن بالفعل ..
و أنا بالكاد حصلت على بعض النوم المضطرب ..
كانت ليلة طويلة من التحديق فى سقف غرفتي عاجزاً عن الإستغراق فى النوم ..