لم اصبح لائقة

19 2 1
                                    

لم أصبح لائقًا للقائه.
لم أذهب للقاء الله بعد.
مازلت أخاف أن أُقابل الله العظيم وجهًا لوجه، و أخاف أنّ أضع قدمي في بيته. مازلت لا أرى نفسي جاهزةً لتقبّله المطلق، و ما زالت هناك رغبات ماديّة حقيرة في زوايا قلبي.
ما زال قلبي يرتجف من أسر محبّة البعض.
لم أغسل يدي من الحياة بعد، وما زلت لم أطلّق الدنيا ثلاثًا.
مازال حُبّ الحياة الخسيسة يجري في عروقي.
و حتى الآن لم أملّ من كلّ شيء تمامًا.
مازلت لم أوقف قلبي و روحي بشكل تام لله.
قد ألقيتُ كثيرًا من الآمال و الأُمنيات، و نسيت مقدارً من الرّغبات و اللّذات، و قطعت أملي بالناس و الاصدقاء و الأقرباء. لكّن، لستُ أخدع نفسي.
فما زال هُناك في زوايا قلبي آمالٌ و رغباتٌ و أماني.
لم اتطهّر بشكل تام بعد.
لم يصبح قلبي مكانًا خاصًا لله بعد.
لذلك أتجنّبُ مُلاقاته، مع أنّني أُناجيه دومًا في حياتي، دائمًا اطلبه، وأذرف الدّمع في محضره.
أُناجيه في خلوات اللّيالي الحالكة الظّلام على الدّوام.
و دائمًا يحترق قلبي، و ينبض بشدّة، و يرتجف مع وهج عشقه.
دائمًا أوجّه الناس إليه، أسير على الدّوام باتجاهه و هو هدف حياتي.
لكّنني لم أجلس قبالته وجهًا لوجه و دون حاجز أبدًا. و كأنّني أخاف أنّ أصاب بالعمى من شدّة نوره. أخشى أنّ أنمحي من جلاله. أخجل من أجلس في مقابلة و في روحي أحدٌ سواه.
أحبّه كثيرًا، قِبلةُ مُناجاتي. رفيق لياليَّ المُظلمة. الوحيد الّذي لم يتركني في أيّ حال، و أنا أيضًا لم أترك ذكره في ضميري أبدًا.
كل وجودي مغمور بعشقه و محبّته، لكنني أخاف منه، أخجل من حضوره، أتجنبه على الدّوام، أناديه، أناجيه من خلف الستار، أراسله، أدل الجميع إليه، أذرف الدمع للقائه، لكن و عندما يأتي لملاقاتي، أنا من يتجنب ذلك، أختفي، أغرق في صمتٍ مميت. لا جرأة لديّ على ملاقاته. لست أجد في نفسي صفاء حضوره.
هو حاضرٌ دائمًا لملاقاتي، في كل حين و في كل الظروف. و لكنني أنا من لا ارى نفسي لائقةً للقائه. أخجل من خوفي و وضاعتي فأفر منه.

بين ثنايا الكلمات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن