12. ومضة من ذكرياتها

451 80 80
                                    


كانت ومضة سريعة من الذكرى القصيرة التي شاركتها سايا في غير عمد منها حين لامست يده. الذكرى القصيرة قد اوضحت الكثير على ما يبدو لصاحب الشعر الأحمر الذي لا يزال مندهشاً جراء ما شاركته إياه.

المرأة التي كانت تحمل تلك الرضيعة على صدرها و تبكي بحرقة تضع طفلتها بالقرب من ذاك الثقب المشابه لما انجرف إليه كيد.

" اسفة.. فأنا لست الأم المثالية لك.. " مسحت على وجه الرضيعة التي تنظر إليها بعيونٍ الناعسة. زاد انهمار الدموع من الأم وهي تتأمل ابنتها لآخر مرة. لم تكُن عيناها المختلفة بلونها فقط، بل كانت المرأة في غاية الاختلاف عن البشر العاديين. بشرتها ارجوانية وشعرها كبياض الثلج ومع خصل سوداء كخطوط من سماء الليل. لا تشبه البشر سوى في قوام جسدها.

الصراخ الذي كان بعيداً قد أصبح أقرب الى مسامعها والخطوات الثقيلة تضرب الأرض على بعد أميال وتزيد من خوف الأم فقد اضطرت حينها أن تمد راحة يدها وتلامس التربة اسفل جسد رضيعتها وما هي الا ثوانٍ حتى امتد الثقب أكثر جهتها. ثقب بجوف لا نهاية له.

اغمضت عيناها ويداها لا تزال تلامس الثقب الذي قد صنعته راحة يدها. لم تقدر أن تهدر وقت اضافي واستغلته في جذب رضيعتها إلى احضانها اكثر في لحظة وداعية تقبل عيناها وجبينها بعمق شديد تستنشق رائحتها لأخر مرة.

ختمت وداعيتها بهمسة خافته في أذن الرضيعة : " وداعاً سايا نيوغيت.. تذكري اسمك".

اخفضت جسد الطفلة وغمرتها داخل الثقب حيث لا جاذبية مقارنة بالجانب الآخر الذي تقبع فيه الأم، و ساعدها ذلك في دفع جسد رضيعتها إلى الخلف عبر المسار الزمني الذي قد اختارت ان تعيش فيه طفلتها دون والدين، فتعيش يتيمة في مكان لا تنتمي اليه، حياة لم تختارها هي بنفسها.

اغلقت فمها تحبس شهقتها الباكية بينما تراقب رضيعتها التي بدأت تبكي منزعجة من ابتعادها عن الحضن الدافئ الذي كانت ترتمي إليه منذ خلقت. يداها الصغيرة ترفرف في الهواء بينما تنظر إلى من فارقتها.

-

يجلس كيد على الكرسي المجاور للأريكة التي تستلقي عليها سايا بغطاء على كامل جسدها بينما تنظر إلى التلفاز بانغامس، تفكيره شارد بما قد داهمته من ذكريات تخص سايا رغم مرور أربع أيام منذ ذاك اليوم، إلا أنه لا زال عقله يخوض في تكرار نفس الموضوع دون توقف.

ارتبط كيد بميعاد نومها وصار يشاركها فيه حتى يتأكد من تحسنها ودوامها على العلاج دون أي مشاكل، فاليوم قد اتمت يومها الخامس منذ تعاطيها العلاج، كما يحرص على أن تتناول وجباتها المعدة من قبل آندرو في كل يوم.

كسر دوامة تفكيره وشرود ذهنه نظرات الفتاة التي علقت عليه منذ فترة دون أن يدرك، رمشت عيناه لتعود به إلى واقعه. أزاحت سايا ناظريها عنه بمجرد أن اكتشفته قد ادرك نظراتها، فليست من عادتها ان تقحم عيناها فيما لا يريح ضيفها.

الثغرة الزمنية | كيد ون بيس | Kid One Pieceحيث تعيش القصص. اكتشف الآن