1 - الشاب السائق!

711 74 31
                                    

1 -

شابٌ آخر تقدمَ لخطبتي، طالبًا الزواج مباشرةً حتى تتم الصفقات سريعًا.. أشعر أنني لُعبة في يدِ أبي، يُريد التخلص مني من أجلِ مصالحهِ هو، لا.. لن أتزوج، وإن ألزمني الأمر؛ سأكون أنا الثمرةُ الفاسدة التي ستنهي لهُ ما بنى في لمحِ البصر.. ودون أن ترف لي عينٌ واحدة!

ضغطتُ على أسناني بغيظٍ من ما أن مُقبلةٌ عليه، ثمَ نظرتُ لذاتي نظرةً هادئة في المرآة، وخرجتُ بعدها مِن حجرتي، متقابلةً مع مساعدتي ' لورا ' التي أخبرتني وهي تسير خلفي، محاولةً اللحاق بخطواتي الغاضبة:

« نوالا.. إنه أدريان، وريث عائلة ماكس.. أظن أنهُ زوجٌ يليق بكِ! »

التفتُ لها قبلَ أن تضيف أي شيءٍ آخر، ثمَ نظرتُ لها نظرةً حادة، مخبرةً إياها بغضبِ العالم أجمع:
- « لن أتزوج لورا.. لن أتزوج زواجًا تقليديًا كهذا بهدفِ إصلاح علاقاتٍ غريبة، لستُ ورقةً رابحة يتلاعب بها مَن يشاء! »

أخبرتني أمي ذات مرة أن الحُب هو أساس الزواج.. وأنني إن لم أتزوج بمَن أحب؛ ستكون حياتي الزوجية مليئة بالصراعات!
وأنا لا أُحبذ مثل هذه الأمور.. أنا أعشق الهدوء، وأرى أنني أستحق حياةً أفضل كما أخطط، ليسَ كما يريد الآخرين!

سحبتُ نفسًا عميقًا، أحاول من خلاله الالتزام بالهدوء، ولكن نيران قلبي تحرق خلايايَّ، فتنهدتُ بضيقٍ ثمَ طرقتُ على البابِ بخفوتٍ، ودلفتُ إلى داخل الغرفة، متقابلةً مع الشاب الذي تقدمَ للزواج مني.. وجلستُ قبالتهِ دونَ أن أُلقي عليه سلامًا حتى، فامتعضت ملامحهِ ببعض الانزعاج، ومن ثمَ جلسَ على كرسيهِ، محاولًا تمالك نفسهِ، وقد شرعَ بعدها في سؤالي أسئلةً حمقاء مثلهِ!

بعد دقائق معدودة.. نظمتُ خصلات شعري بابتسامةٍ خبيثة بعدَ أن فرَّ المدعو أدريان هربًا مني.. ليسَ هربًا، وإنما خوفًا مِن أفكاري، وأنا في الحقيقة لا أقوى على قتلِ حشرةً صغيرة مثلهُ، فأنا أجاهد لإن أخرج مِن مستنقع هذه العائلة المليئة بسفكِ الدماء!

كيفَ ينساق المرء خلفَ النزاعات والحروب؟ ويُلقي بنفسهِ إلى التهلكةِ بتلكَ الطريقة!

تنهدتُ تنهيدةً حارة، أضع قدمًا فوقَ الأخرى وفستاني الأزرق يجعلني أشبة بفراشةٍ نجحت في الفرار، وتلقي الحُرية بعدَ أن كادت أن تُسجن!

حتى دُفعَ الباب بعدَ دقيقةٍ مِن مغادرة أدريان، وتبعهُ دخول أبي الذي زفرَ بمللٍ، وجلسَ أمامي، يحتضن يدايِّ محاولًا بث الحنان إليَّ، ثمَ تلَّفظَ بهدوءٍ:

« نوالا، لمَ لا تريدين الزواج وإسعادي؟ .. أود رؤيتك بفستانِ الزفاف؟ »

- « أبي.. ما تود أنتَ ليسَ لرؤيتي بفستانِ الزفاف، أنتَ تود رؤيتي وأنا بكفنِ موتي الأبيض.. وأنا أُجبر على زواجٍ لا أريده! »

أشعرُ أنني مُقيدة بأكاذيبٍ.. عقلي مُشتت، وقلبي مُضطرب.. روحي تدفعني نحوَ الهروب مِن هذا القصر المُحتجزة أنا فيه، ولكنني لا أستطيع!

حجرة ومقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن