3 - خطان متوازيان.

312 56 32
                                    

3 -

جلستُ قبالة شجرة الزيتون.. أعني المدعو أوليفر، أهزُ قدمايَّ بانزعاجٍ، مترقبةً ما يود قولهِ وقد تملكَ مني البرود بالكامل، ولكنهُ في المقابل كان صامت، لا يتحدث، ولا يتحرك، فقط ينظر لي بشرودٍ.. فتنهدتُ قائلةً بمللٍ حتى لا أفقد عقلي: « حسنا.. دعني أُخمن، هل ستحاول إقناعي بالزواج منكَ، زواجٌ إجباريٌ، مُزيف، تقليدي، ليسَ عن حُبٍ حتى؟ هه في أحلامك عزيزي شجرة الزيتون! »

أنعتهُ بشجرةِ الزيتون؛ لأن هذا معنى اسمهِ الساذج.. لكنني أشعر أنهُ يغضب من ذلك، ولكن الأمر بالنسبةِ لي ممتع، فمِن بعدِ اليوم لن أثق في أي رجلٍ تقع عليهِ عينايَّ، حُسِمَ الأمر!

نظرتُ لهُ ببراءةٍ مصطنعة وهو يعقد ما بينَ حاجبيهِ، حتى سبتَ بهدوءٍ مُريب: « أصمتِ أيتها الحَجرة الصغيرة، واستمعي لي! »

حَجرة صغيرة؟ هل لأنني أقصر منهُ وهو فارع الطولِ؟ .. لكن ليسَ لها علاقة، ماذا يعني بالحجرة؟ إن استمرَ هكذا بسماجتهِ ستكون نهاية علاقتنا التي لم تبدأ بعد، وأنا في الحقيقة أود إنهاءها!

« حَجرة ماذا؟ » نبستُ بغضبٍ طفيف، ثمَ تابعتُ بابتسامةٍ باردة ولرُبما سامجة كابتسامتهِ: « بالتأكيد علمت بأنني سأكون الحَجرة التي ستُلقى بها على مؤخرة رأسِك! »

ضيقَ عيناهُ، يتناول كوبِ القهوة مِن الخادمة التي أتت لتوها، ثمَ ارتشفَ منهُ رشفةً صغيرة، وهتفَ بسماجةٍ مماثلة تجعلني أشعر ببعضِ التوتر:
- « حسنا.. وإن كنتِ أنتِ الحَجرة، سأكون أنا المقص! »

إرتفعَ حاجبي بعدمِ فِهم، أنظر لهُ وهو يضع الكوب على الطاولةِ بيننا، ومن ثمَ وضعَ قدمًا على الأخرى، متمتمًا بنبرةٍ مُريبة:
- « سأكون المقص الذي يقطع لكِ أجنحتكِ؛ حتى لا تستطيعي الهروب! »

هل تُقطع الأجنحة بمَقصٍ؟ يريد قطع لي أجنحتي الخيالية التي لم تنمو بعد.. حتى لا أستطيع التحليق، رُبما هو نسخةً أخرى مِن أبي، وبالكاد سيتزوجني ويُغلق عليَّ أربعةَ جدرانٍ مِن جديد!

اتخذتُ مِن الصمتِ وسيلةً لإخفاء شعور الحزن الذي كاد أن ينمو داخلي، حتى هتفَ هو بهدوءٍ: « آنستي.. أنا في الحقيقة لا أريد هذا الزواج، ولكنني مُجبر، زواجي منكِ سيكون ورقةً رابحة، دعيني أخبركِ برهانٍ صغير. »

جذبَ مسامعي في نهايةِ حديثهُ، فتنهدتُ بحرارةٍ، أترقب ما سيقول، ليضيف بجديةٍ: « توافقين على الزواجِ مني.. وسأقوم بتحقيق لكِ الحُرية. »

« دعنا نلعب حَجرة، ورقة ومقص » هتفتُ باندفاعٍ وسرعة، فهمهمَ هو بعدمِ فهم، لأُضيف بجديةٍ: « إن فزت أنتَ؛ سأوافق على مطلبك.. إن فزتُ أنا؛ ستساعدني على الهروب من هذا القصر، وبالتالي لن يتم الزواج! »

قد قلت سابقًا أنني لن أثق في أي رجلٍ، ولكنني الآن أعطيه نبذةً عن أفكاري  الغبية! .. همهمتُ مستمعةً لتنهيدتهِ اليائسة، موافقًا على حديثي الأحمق، وفي الحقيقة هو مَن يظهر لي كغبيٍّ ينساقُ خلفَ حديثِ أنثى!

حجرة ومقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن