10 - الحُب.. رُبما؟

355 37 32
                                    

10 -

تملَّك مني الغضب بالكامل، أصبحتُ كمَن تجرَّد مِن إنسانيتهِ، وأضحى كوحشٍ غاضب لا يرى أمامهِ، لبرهةٍ ظننتُ بأنها صادقة، وبأنها قبلت بعرضِ أن نكون أصدقاءً حتى تصبح علاقتنا قوية تدريجيًا! .. لكنها حطمت لي آمالي بهروبِها وخداعي!

أخرجتُ هاتفي من جيبِ بنطالي الأسود الرسمي، عازمًا على محادثة الحراس؛ ليبحثوا معي عنها، وإن تطلب الأمر.. لن تُغمض ليَّ عينٌ إلى أن أجدها، ولكن عينايَّ قد اصطدمت برؤيةِ عددٌ من الرسائلِ النصية منها.. هي!

ضغطتُ بسرعةٍ على المحادثةِ بيني وبينها؛ لأرى ما أرسلت لي.. وما لبثتُ إلا أن تبسمتُ بهدوءٍ، متخليًا عن سخطي، وأنا أقرأُ رسائلها التي تضمنت:

- « لا تقلق، لم أفِر هاربةً منكَ، فليس هناك جدوى من الهروب الآن.. أُحِبُ الغروب كثيرًا، وتأملُ السماء لفتراتٍ طويلة؛ لذا ستجدني جالسة على أحدِ المقاعد، أتأملها بحُبٍ. »

- « سأرسل لكَ موقعي.. »

في رسالةٍ نصية ثالثة؛ أرسلت لي موقعها، فتنهدتُ بارتياحٍ تام، ومن ثم أغلقتُ الهاتف وأنا أنظرُ أرضًا للزهورِ المُلقاه، فزفرتُ بغضبٍ من ذاتي، ثم تنهدتُ من جديد، وأنا أسير نحو موقعها، مرددًا داخلي بكلماتٍ تجعلني أهدأ.

« متابعة الغروب ممتعة.. أليس كذلك؟ » تساءلتُ وأنا أجلسُ إلى جوارها على المقعدِ في شارعِ مِن شوارعِ إيطاليا المميزة، مثبتًا مقلتيَّ على السماءِ كما تثبتها هي، فتنهدت نوالا بحرارةٍ، ونبست بتساءلٍ وهي تلتفت لي، ناظرةً إليَّ بعقدةِ حاجبين: « أين الزهور، أوليفر؟ »

تلعثمتُ ولم أعد أدري بما أجيبها، فصمتُ أبحث عن مبررٍ منطقي وسريع لإخبارها به، لكنها نبست وهي تعاود النظر للسماء: « لستُ آسفة على ما سأقول، لكنك بحاجةٍ للتغيير كُليًا.. بالتأكيد غضبت وصرخت لعدم رؤيتي بالسيارة.. أليس كذلك؟ »

تساءلت وهي ترمقني بسخريةٍ لم أُدرك سببِها، ولكنني هززتُ رأسي تأكيدًا على ما قالت، فتنهدت هي بيأسٍ، وأضافت: « كنت أعلم.. أنتَ في الحقيقة لا تثق في ذاتك، فكيف ستثق بي؟ وتريدني أن أُعطيك فرصةٌ؟ أوليفر.. حتى وإن أعطيتُكَ فرصةً، لن تنال حُبي، أتعلم لماذا؟ »

ابتعلتُ غصةً مريرة في حلقي، وأنا أراها تُحطم مِن كبريائي، وتهدم آمالي في وصول حُبي لقلبها، فاستفهمتُ بملامحٍ شِبه غاضبة، مترقبًا إجابتها، لتقول هي بنبرةٍ جادة: « لأننا من عالمين مختلفين، ما الذي يجمع الأبيض والأسود معا؟ الجليد مع النار؟ السلام مع الحرب؟ لا شيء، فما الذي سيجمعني بكَ؟ »

« الحُب.. رُبما؟ » هتفتُ بدون أن أُفكر في إجابةٍ منطقية لها، فصاحت وهي تهب ناهضةً عن المقعدِ: « أخبرتُك أن الحُب هذا شيءٌ معنوي لن أستطيع تبادلهُ معك، نقطة. »

حجرة ومقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن