15 - بداية النهاية.

150 30 5
                                    

15 -

لدينا جميعًا قابلية لنزع كل خطيئةٍ اقترفناها عنا، وهكذا أرى "أوليفر" الآن، يحاول إصلاح ما أفسد، رغم إدراكه الكامل بأن ذلك لا يفلح.

تنهيدةً طويلة قد غادرتني وأنا أدفع كرسيه المتحرك للأمام، حتى أصبحنا بالقُربِ من باب غرفة روزابيلا، فتراجعتُ خطوةً للخلفِ، قائلةً بصوتٍ خافتٍ:

« لا، لا أستطيع التقدم. »

« هيا نوالا، تقدمي. » قالها بأمرٍ، ناظرًا لي، يخبرني بنظراته أن أتقدم وأقطع خطواتي نحو الباب وأواجه مَن قتلتُ ابنها، فخفق قلبي بعُنفٍ، وارتجفت أوصالي، ولكنني تابعتُ السير بخطواتٍ مهتزةٍ، إلى أن توقفنا أمام الباب، فقال أحد الحراس:

« يُمنع الدخول، سيدي. »

« افتح الباب. » نطق بها أوليفر بحدةٍ، فتزعزع الحارس قليلا، وفتح الباب لنا، لأدفع كرسي زوجي بثباتٍ، وولجتُ إلى الداخل، ومن بعد ذلك أغلقت الباب، ناظرةً لروزابيلا؛ سيدة أصابتها الحياة بقلبها، تم إبعادها عن أبنائها، طُعنت بسكينٍ سام، ولم تعد قوية كما سمعتُ عنها.. فكيف ستكون المواجهة؟

كانت جالسة بإحدى زوايا الغرفة، تضم قدميها إلى صدرها، وتهز جسدها كمُختلةٍ عقلية، تبكي بصوتٍ مسموعٍ، فنظرتُ لأوليفر بطرفِ عينٍ، ونطقتُ محدثةً إياها:

« روزابيلا، هل يمكننا التحدث؟ »

رفعت رأسها ببطيءٍ، تطالعني بعينين حمراوتين مليئتين بالألم المرئي، رأيتُها تقاوم وتحاول النهوض لتفرغ غضبها بي، ولكنها لم تستطع فعل ذلك، فنطقت بصوتٍ مختنق: « أي حديثٍ يُعيد لي أبنائي؟ »

« أدرك جيدًا ما بقلبك، أتفهم جرح روحك، ولكن ما حدث.. لم يكن بيدي روزابيلا، لم يكن بيدي. »

اقتربتُ من موضع جلوسها، وهبطتُ أرضًا لمستواها، أطالعها بعينين يُغلفهما غشاءً رقيقًا من الدمعاتِ، ولا أقوى على الصمود أكثر من ذلك، فبكيتُ وأنا أستمع لها:

« لن يدرك أي أحدٍ ما بقلبي، دمرَّني أخي، دمرَّني وأفسد حياتي بأن وضعني أمام ناظريه، وأنا لم أفعل به شيئًا.. أبنائي ماذا فعلوا له؟ أردتُ عيش حياةٍ سعيدة هانئة بجوار مَن أُحِب، والآن ماذا؟ زوجي بالمشفى؛ مُصاب بداءٍ لم أعرفهُ جراء صدمة رحيل أطفاله، وبقيتُ وحيدة أبكي هدم عائلتي. »

أشارت على موضعِ قلبها، وصاحت في وجهي:
« هُنا يحترق، ولن يشعر أحد.. اللعنة عليكِ، وعلى زوجك. »

صرخت في النهايةِ بحدةٍ أفزعتني، فنهضتُ متراجعةً للخلفِ بسرعةٍ، حتى اصطدم ظهري بكرسي أوليفر المتحرك، فتمسك بيدي، وقال:

« هيا نغادر. »

ولم أُعطهِ إجابةً، سوى أني غادرتُ سريعًا من نطاق الحجرة، دون أن أساعدهُ على العودة معي حتى، يقتلني ذنبي، ويؤلم روحي، لا أقوى على تقبُلِ ما فعلتُ، الأمر مُعقد لأبعدِ حدٍ، ولهذا أبدو لذاتي مشتتةً.

حجرة ومقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن