5 - انتهى الأمر!

303 57 50
                                    

5 -

ارتميتُ على الفراشِ، أنظر لسقفيةِ الغرفة بانزعاجٍ دفين، أود الصراخ بأعلى صوتي، ولكن لا أستطيع.. في الحقيقة أستطيع فعلها، لكنني ألتزم بالأدابِ العامة!

زفرتُ بمللٍ، متلاعبةً في خصلاتِ شعري، تزامنًا مع طرقِ الباب، فاعتدلتُ في جلستي، أسمح للطارق بالدخول، والذي لم يكن سوى أوليفر، الذي دلفَ غالقًا الباب خلفه، يسند جسدهُ ضدَ الباب، وينزر لي يغموضٍ، فارتفعَ حاجبي، نابسةً بحدةٍ: « ماذا؟ .. اخرج مِن غرفتي! »

زفرَ بمللٍ وأخرجَ لُفافةِ تبغٍ مِن بنطالهِ، يُشعلها بقداحتهِ السوداء، ثمَ اقتربَ مِن موضعِ فراشي خطوتين، يسحب أحد الكراسي، واضعًا إياهُ أمام الفراشِ، وجلسَ عليهِ قائلًا بهدوءٍ مُريب:

« في الحقيقة.. جئتُ لعمل صفقةٌ غريبة معكِ، نوالا. »

عقدتُ حاجبايّ، أناظرهُ بضيقٍ يكاد يحرقهُ، فضحكَ بخفوتٍ ونفثَ دُخان التبغِ، ثمَ هتفَ بهدوئهِ رغمَ أن نبرتهِ تحمل بين طياتها أمرًا:

« اهربي يومَ الزفاف.. قبلَ عقد القران »

أنهى حديثهُ مُلقيًا لفافة التبغِ أرضًا، ودعسَ عليها بحذائهِ اللامع، تحتَ اتساع مُقلتايَّ، ليضيف هو بذاتِ النبرة: « أمامهم جميعًا.. اهربي، وأعدك، لن يمسسكِ أحدٌ منهم بضررٍ؛ لأنكِ خاصةٌ بي، نوالا. »

رمشتُ بدونِ فِهم، ثقتهِ وهو يتحدث عني، وكأنني لهُ بالفعل، تدفعني للإشمئزاز.. ليُخرج لفافة تبغٍ ثانية، وقبلَ أن يُشعلها؛ نبسَ بأدبٍ كطفلٍ بريء، وهو في الحقيقة ثعلبٌ ماكر
« هل يُمكنني إشعال لفافة أخرى.. إن لن يزعجكِ الأمر؟ »

« اعطني واحدة.. » هتفتُ بمللٍ، ومددتُ لهُ يدي، فَضحكَ بعدمِ تصديق، ثمَ أعطاني واحدة، وأشعلها لي.. لأتنهد واضعةً إياها في فمي، ومن ثمَ نبستُ بمللٍ وأنا أعتدل في جلستي: « لا أُخفي عليكَ سرًا.. كنت أخطط للهروبِ بالفعل، لكن عرضكَ جعلني مُشتتة! »

نفثتُ دُخان التبغِ بطريقةٍ أثارت انتباه أوليفر الذي هتفَ بتعجبٍ: « ولِمَ التشتت، آنسة نوالا؟ »

« لا أدري.. رُبما تناقضك يدفعني لذلك! » رددتهُ ببرودٍ، مُلقيةً اللفافةَ أرضًا، ليدعس هو عليها، أثناء متابعتي بجديةٍ: « لكن ما الدافع خلفَ عرضك.. سيد ماسون؟ »

ضحكَ بخفةٍ، يحك جوار أنفهِ بهمهمةٍ خافتة، ثمَ نطقَ بما جعلني أفكر جديًا في الأمر: « لا أريد الزواج مِن إمرأةٍ لا تُحبني، ستكون الحياة بيننا مليئة بالصراعاتِ، ولأكن صادقًا معكِ.. العائلة تنتظر الحفيد الأول لها، لن يكون الأمر في صالحِ كلينا، نوالا.. لذا اهربي، ولا تلتفتِ خلفك! »

تنهدَ واقفًا وهو يتلاعب باللفافةِ داخل فمهِ، ثمَ أضافَ وهو ينظر لي بجديةٍ:
« سأكون فخورًا بكِ إن افتعلتِ شغبٌ قبلَ ذهابك.. »

حجرة ومقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن