تجارة بالبشر!

512 54 7
                                    


ـ ولا أنتوا مصلحتكم زيهم أننا نمـــ ـ ـ  ـوت يا مِس؟؟

صُدمت "سهام" مِما سمعته، انحنت له سريعًا ومسكته من معظمه بعنف، زحفت دموعها هي الأخرى رغمًا عنها وهي تنفي عنها تلك التُهمة البشعة مردفة:

ـ أبدًا يا "ياسين" أبدًا، متقولش كده تاني أبدًا، لو مش عايز تنضم للعيلة دي خلاص مش هكلمك تاني في الموضوع ده، بس أوعى تفكر في كده تاني، أحنا... أحنا لما عرفنا أن "مالك" حاول يمـ..ـ ـ ـ. ـوّت نفسه جبنا أخصائين عشان يعالجوا المشكلة دي، عشان يشوفوا مين فيكم زعلان ويحاولوا يخففوا عنه، هو ده شغل مِس "ليلى" ومِس "سلمى" يا "ياسين" أنهم يحلوا لكم مشاكلكم؛ فأوعى يا حبيبي تفكر في كده أبدًا، أحنا مش زيهم، وعمرنا ما كنا ولا هنكون زيهم.

نهت كلماتها وهي تضمه لحضنها بحنان، كانت كلماتها كالمسكن بالنسبة له، سكّنت له جروحه بشكل جيد، أوقفت عن رأسه أي فكر مسموم يتسرب لها، هم ليسوا مثل الدار السابقة، هم مختلفون عنهم، وما يحدث معه هنا مختلف كليًا عن ما سبق وعاشه وسط الوحوش البشرية السابقة! كفكفت له دموعه ثم حثته أن يعود لغرفته بعدما وعدته أنها لم تفتح معه ذلك الموضوع مرة أخرى، ابتسم بسعادة ثم رحل بعدما قبَّلها على جبينها، ترجلت نحو مقعدتها وجلست عليه بتعب، وبالطبع لم تنتظر"ليلى" أكثر من ذلك؛ فهي  كانت تتابع الموقف منذ البداية لكي تستنبط معلومة مفيدة عن ما حدث، وفور جلوس السيدة على مقعدها همّت متسائلة بفضول يتراقص في مقلتيها:

ـ هو كان يقصد إيه؟ زي مين؟ يقصد إيه بكلمة زيهم دي؟

تنهدت "سهام" بتعب، مسحت دموعها بيدها ثم هتفت:

ـ بكرة هقولك، أنا مش قدرة أتكلم خالص، عشان الموضوع هيطوّل وهيخلينا نوضح هدف جديد من اللي قولتلك عليهم هنضيفهم مع الوقت وأكتشاف المشاكل.

كوبت رأسها بين يدها ثم هتفت بتعبٍ:

ـ تقدري تروحي على شغلك.

قطعت أي وسيلة للحديث، مما جعل "ليلى" تستشيط غضبًا، كيف عليها أن تغمض جفونها وهي على علم أنه يوجد شيء هام مخفي عنها مثل ذلك؟! ومن واقع خبرتها فهي تستشف أن الموضوع بهِ ألغاز كبيرة! ولكن ما باليد حيلة، عليها أن تنتظر وحسب.

                             ༺༻

بينما على جانب آخر، كانت "سلمى" اعتذرت من ذهابها للدار اليوم لأنها على موعد هام؛ فاليوم موعد مقابلتها لذلك العريس الذي تقدم لها، هندمت نفسها وحاولت أن تُهدأ حالها على قدر الإمكان، ودعت والدتها ثم ترجلت للأسفل وأخذت سيارة أجرة واتجهت نحو المطعم المنشود، خمسة عشر دقيقة وكانت أمام باب المطعم، أخذت نفسًا عميقًا ثم مدت يدها وسحبت مقبض الباب، دارت بعينيها في المكان حتى لمحت ذلك الشخص الذي تمتلك صورة له على هاتفها، تنحنت ثم ترجلت نحوه، نهض وهو يبتسم لها باتساع فور رؤيتها، بعد السلامات والترحيب ببعضهم حلّ الصمت بينهم، ولكن هو كسر ذلك الصمت عندما جذب أطراف الحديث وسألها:

أزهار بلا مأوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن