قرارات مسيرية

372 43 1
                                    


#الفصل_الثاني_عشر

- أعيش معاكِ فين؟

كانت خائفة من رده، مسكته من معظمه لكي تبث له شعور الأمان وهي تردف:

- في البيت، عايزة أتكفّل بيك يا "ياسين" وتكون معايا على طول.

ملامحه تحولت، بعد يدها عن معظمه وتراجع للخلف وهو يقول سريعًا وبملامح فازعة من تلك الفكرة :

- لا...مش عايز، مش عايز أروح لحد، مش عايز..

غصة مريرة شعرت بها، هل هو يرفضها؟ حتى هو يرفض المواصلة معها، يرفض أن يواصل حياته معها، لم يشعر مثل ما تشعُر بهِ نحوههُ، هل هي خُلقت لكي تُستنزَف مشاعرها فقط؟ وقبل أن تأخذها رأسها في تلك الدوامة أقتربت "ليلى" من الطفل لكي تصِل لقامته، وبصوتٍ مُختنق سألته:

- ليه؟؟ أنت مش بتحبني؟

طبقة رقيقة حاوطت عيناه، وبصوتٍ باكي قال:

- بحبك...بس مش عايزك تعملي فيا زيهم.

رهبته من التبني، كيف نست أنه في الأصل لديه رهبة من التبني بسبب ما حدث لأصدقاءهُ؟ الابتسامة عادت تُزين ثغرها من جديد، الحُزن تلاشى من مقلتيها، وبنبرةٍ تحمل في طياتها الآلاف من المشاعر المُخبطة قالت:

- أنا عمري ما هكون زيهم يا "ياسين"...بالعكس أنا عايزاك تكون معايا عشان أحميك من الدُنيا، ومش معنى كده أن أنت بس اللي محتاجني لا؛ أنا أكتر وحدة محتاجاك يا "ياسين" محتاجاك تأنس وحدتي، عايزة أحس أن حياتي ليها معنى!

دمعة مُتمردة فرت أمام الصبي، وبحركة تلقائية مِنه كان يرفع أصابعه الصغيرة نحو وجنتيها ويمسح لها تلك الدمعة وهو يبتسم لها ويقول:

- بس أنتِ حياتك كلها حاجات حلوة، كفاية إنك جيتي هنا عشانا وساعدتي كل واحد فينا بطريقة مختلفة! أحنا لازم نقولك شكرًا على وجودك.

هل هو يشعر بما قدمته لهم؟ هو لم يظن أن ما تقدمه هو شء فارغ كما المُعظم؟ هو يشكرها على وجودها؟ كلمات بسيطة ولكنها كانت قادرة على خلق أجنحة لتلك المسكينة لكي تُرفرف في السماء من السعادة، كلماته البسيطة داوت لها جروحًا تسببت فيها كلماتٍ أخرى قاسية، ودون شعور كانت تسحبه بهدوء نحو أحضانها لكي تقول له بكُل صدق العالم:

- أوعدك أني عمري ما هأذيك أو هقسى عليك، أوعدك أني هكون ليك النور اللي هينور ليك حياتك زي ما أنت هتملالي حياتي كلها .

هذا ما كان يحتاجه "ياسين" كلمات مُطمئنة ليس إلا، سكن في أحضانها ويده مُتشبثه بها وكأنه يقول لها لا تتركيني، وبالفعل لبّت له نداءه وضمته أكثر لها لكي يكون مُلتصق بها، وكأنه أصبح جُزاءً مِنها .

********

- دي شوية خطط يا مدام "سهام" لازم ننفذها مع الأولاد من الأسبوع ده.

أزهار بلا مأوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن