ـ ارضي وعيشي يا "ليلى" أنتِ مش حمل أنك ترجعي لأهلك تاني، ولا في حد هيقبل أنه يعيش مع وحدة بقت أرض بوّر مبتخلفش، لكن أنا عادي وراضي، وانسي الكلام الفاضي اللي قولته قبل كده وأني هتجوز ومش عارف إيه، أنا أصلًا مش عايز عيال عشان أنا مش فاضي ليهم، يعني أنا وأنتِ أكتر أتنين ننفع لبعض؛ فعيشي وأسكتي يا بنت الناس.
انتهى من كلماته ثم اختفى من أمامها، أو هي من كانت لا ترى من بعد ما سمعته بفضل دموعها! كلماته كانت مثل الأسهم الحارقة التي تحرق القلب وتكوي الروح! كلماته جرحت قلبها وجعلتها تشعر أنه ينزف وبشدة! كان ولأول مرة تدرك أنه توجد كلمات تُميت المرء رويدًا رويدًا دون أن يشعر!
༺༻
دعنا نعود مرة أخرى إلى "أزهار المستقبل" كانت "سلمى" مازالت هُناك رغم مجيء موعد انصرافها، كانت مازالت تجلس مع "سمير" تتسامر معه، ولكن قطع حديثهما دخول السيدة "سهام" عليهم وهي تطلب من "سلمى" الحديث معها، وبالفعل استأذنت "سلمى" من الطفل وترجلت مع السيدة للخارج، وقبل ان تسأل ما الخطاب كانت السيدة تقول لها في عجلٍ:
ـ "على" اللي كان بيجيب "لسمير" الغراء جيه برا وعايز يقابل "سمير" أنا مش ناسية أنك طلبتي مني قبل كده تشوفيه، وأهو جيه أهو.
ختمت كلماتها وهي تتحرك نحو الدرج لكي يتجها نحو حديقة الدار، وبالفعل ترجلت معها "سلمى" دون أن تعقب على حديثها، فقط وصلتها السيدة للولد دون الظهور في الصورة ثم انصرفت، كانت "سلمى" تقف على بُعد منه، كان طفلًا هزيلًا ونحيف، يكبر عن "سمير" بضع سنوات، هيئته لم تكن أفضل شيء، كان الولد ينظر حوله في انتظار ظهور "سمير" لكي يعطيه تلك المادة ويفرّ هاربًا من هنا، ولكن بدلًا من ظهور "سمير" أمامه، ظهرت له
فتاة وجهها جديدًا عليه، نظر لها بتعجب ثم سألها:ـ هو فين "سمير"؟
كانت تنظر له نظرات تقيميّه، كتفت ذراعيها أمام صدرها ثم سألته:
ـ عايزه ليه؟
ـ عشان أسلّم عليه!
رد عليها سريعًا، بينما هي فتقدمت منه خطوة وهي تنظر لعيناه مباشرةً وقال له ما لم يتوقعه:
ـ ولا عشان تديله الكُلّة عشان يشمّها؟
تلكّم فور سماعه لكلماتها، بينما هي فلم تصمت، وبتحدٍ استطرد قائلة:
ـ بس هو للأسف مش هيشوفك تاني يا "علي" أصل هو بطّل الحاجات دي.
صمتت لثوانٍ مع لهثه العنيف ثم سألته سؤالًا واضحًا ولكنه كان قاسٍ عليه:
ـ أنت ليه بتعمل كده؟؟ ليه تجُر طفل زي ده لشيء زي ده؟ أنت.. أنت متعرفش أن الهباب ده بيأثر على المُخ والأعصاب؟ متعرفش أنه بيأثر على الجهاز الهضمي والتنفسي؟ ليه عايز تدمره كده؟ ليه؟
أنت تقرأ
أزهار بلا مأوى
Mystery / Thrillerجميعنا نُخطط لمستقبلنا ولا نلتفت بما حدث لنا في الماضي، ولا نعلم أن يوجد براعم صغيرة حُبست بين طيات الماضي، وتشوهت روحها بسبب ما حدث لهم في السابق! نحن قادرين على تجاوز كل شيء سيء حدث لنا في الماضي لكي نواصل حياتنا؛ ولكن هم حياتهم بأكملها توقفت عند...