العُقد تنحل

390 45 0
                                    

- هو مش باين علينا أننا بننام في الشارع؟

- طب ليه مش بتشتغلوا وبالفلوس تأجروا أوضة تناموا فيها؟

هكذا سألت "ليلى" بعفوية، وبتهجم أجابها أصغر طفل بينهم:

- ما أحنا شغالين! ومع ذلك مفيش في جيبنا قرش واحد! تقوليلي أوضة!

- شغالين مع مين؟؟

- مع....

لم يكد الطفل أن ينطق بحرفٍ واحد إلا وقاطعه صوت غليظ يظهر عليه العصبية والغضب! وهو يصيح عليهم بغضب:

-إبه اللي بيحصل هنا؟؟؟

كان هذا صوت غليظ أفزعهم جميعهم، حتى الأطفال نهضوا سريعًا وكانوا على وشك الفرار من أمام هذا الرجل المُخيف، ولكنهم ثبتوا في مكانهم عندما سمعوا صوت "ليلى" تهتف بثباتٍ أُعجبه بهِ الصبيه:

- احنا لجنة من حقوق الأنسان؛ وجايين نسمع الأطفال ونسمعك.

كان هذا قول "ليلى" الواثق، لا تدرى من أين جاءت بهذه القوة والثبات، ولكنها أهتزّت عندما هتف ذلك الرجل بصوتٍ أجش غليظ:

- حقوق إيه وزفت إيه؟؟ أحنا مش عايزين نتكلم معاكم ولا مع غيركم.

ولكن "سلمى" حافظت على ثباتها، تقدمت منه ثم ردت عليه قائلة بصرامة:

- هو احنا مش بناخد منك إذن احنا بنعرفك؛ ولو حضرتك عندك مانع كده هنضطر نوصل أعتراضك ده للمسؤولين؛ وها بقى هيتصرفوا.

هُنا وتراجع الرجل في غِلظته معهم، بدل نظراته بين جميع الوشوش وهو يفكر في حديثها، جلس على أقرب مقعد وهو يرمق "سلمى" بنظراتٍ متفحصه ثم هتف قائلًا:

- وعايزين تتكلموا في إيه بالظبط؟

ابتسمت "سلمى" ابتسامة بسيطة لصديقتها وهي تجلس أمامه وتُشير للأخرى بالجلوس، والأطفال أيضًا تراجعوا في خوفهم وجلسوا بجوار الرجل دون أن ينطقوا بشيء، نظرت "سلمى" له ثم قالت:

- عايزة أعرف الولاد هنا بيشتغلوا إيه بالظبط؟

صمت الرجل لثوانٍ ثم قال وهو يُبدل نظراته بين الفتيات والصبيه:

- بجيب ليهم بضاعة وبيبيعوها في الأشارات.

ولأنه لم يكن هذا الموضوع هو المُراد الإستفاضة بهِ انتقلت "ليلى" للسؤال الثاني سريعًا قائلة:

- طب أنا عايزة أعرف حكاية الولاد هنا.

صمتت وهي ترى علامات التعجب عليهم، بللت حلقها ثم هتفت مجددًا:

- عايزة أفهم إيه اللي وصل الولاد دول للشارع، محتاجه أسمع حكاية كل واحد فيهم.

ابتسامة جانبيه ارتسمت أعلى ثغره، رمقها بنظراتٍ ماكرة ثم قال:

- طب ما أحكيلك أنا أسهل.

- عايزة أسمع منهم هما.

هكذا هتفت "سلمى" بنبرةٍ حازمة؛ أشاح بوجهه بعيدًا وهو يتأفف حانقًا، أشار على الصبي الأكبر وقال:

أزهار بلا مأوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن