يحتاجون احتواء

441 61 2
                                    

                              
ـ عشان يرفعوا الفديو على الـ ـدارك ويب!

شهقت بعنف وهي تضع يدها على فمها سريعًا، دارك ويب! الموقع المُظلم! ذلك الموقع الذي يفعلون فيه كل شيء مُحرم 
على وجهة الأرض هو كان يُستخدم فيهِ!  فعند تلك النقطة أنخرط "ياسين" في نوبة من البكاء الشديد، تركت هي كل شيء في يدها سريعًا ونهضت من مكانها واقتربت منه، ركزت على ركبتيها لكي تجلس أمامه ثم فتحت له ذراعيها على وسعهما لكي يرتمي بداخلهما سريعًا، تشبث فيها وكأنه يقول لها احميني من ذلك العالم! ربتت على خصلاته المموجة وهي تحاول أن تُهدئه بكلماتها، كان ينحب ويبكي بعنف في أحضانها، ورغمًا عنها بكت هي الأخرى على بكاءه؛ فكيف على طفل في مثل عمره أن يرى كل تلك القسوة من العالم ومن البشر؟ وكيف على بشر أن يفعلوا كل تلك الأشياء في براعم صغيرة مازالت جذورها تُنبِت! وكأنهم يريدون أن يقلعوا تلك الجذور قبل أن يظهر لها ملامح! وكيف على أنسان أن يكون بكل ذلك الأذى في الأساس؟ وكأن الله انتزع من قلوبهم كل معالِم الرحمة والأنسانية التي يتميز بها أي إنسان سوي! ولكن بالتأكيد يوجد عبرة لكل ما حدث، حتى وأن كانت غير ظاهرة لهم الآن ولكنها بالتأكيد ستوضح الرؤية عاجلًا أم أجلًا!

                                ༺༻

انتهت "ليلى" من جلستها مع"ياسين" ثم ترجلت نحو مكتبها، كانت تجلس وهي تحاوط رأسها بيديها، تفكر في كل حرف وقع على مسمعها، تفكر في كيف تساعد هؤلاء الأطفال، وأثناء اهنماكها في التفكير دخلت عليها "سلمى" عابسة الوجة، رفعت وجهها لها ثم سألتها مستفهمة:

ـ مالك؟

جلست الأخرى أمامها وهي تتنهد بعمقٍ ثم قالت:

ـ أنا من امبارح للنهاردة عرفت بلاوي مكنتش أتخيل أنها موجودة يا "ليلى"

تنهدت "ليلى" هي الأخرى وهي وتنظر إلى اللا شيء أمامها وهي تقول:

ـ أكيد مش أسوء من اللي عرفته.

ثبتت "سلمى" نظراتها هلى صديقتها وبشغفٍ سألتها:

ـ عرفتي إيه؟؟

صمتت لثوانٍ ثم بدأت "ليلى" أن تقُص عليها كل ما عرفته من "ياسين" أخبرتها لماذا ذلك الطفل يتعامل معهم بتهجم واضح وحذر شديد، فهمتها أنه يفتقد الأمان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كانت الأخرى تسمعها بأسى واضح على ملامح وجهها، وبعدما افرغت "ليلى" من حديثها وصمتت، بينما "سلمى" فتنهدت بإرهاق وقالت:

ـ واضح أن الولاد دول عانوا كتير، أنا كمان لسه عارفة أن سمير....

بدأت هي بقص الجزء الذي يخُص "سمير" كانت مفاجأة "ليلى" مضاعفة، كل ما ترك على رأسها هو كيف؟ كيف على طفل مازال ينمو جسده أن يعرف تلك السموم؟ كيف على طفل مازال يكتشف الدنيا؛ ينغمس في جانبها المظلم بتلك السرعة؟ بعدما فرغت "سلمى" من الحديث قابلت "ليلى"  وهي تنهض سريعًا وتهتف بنبرة غاضبة:

أزهار بلا مأوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن