وأما عن النسيان

98 6 8
                                    

                           

يَقولون أن النسيان قافلة والحنين قاطع طريق، فما كانت قافلتى تمد للنسيان يومًا بصلة، كان الحنين القائد حتى يومًا المدعو هذا، ربما لأن الحنين لم يكن يومًا بِلص، أو ربما لأننى لم أحاول النسيان.

صَدح صَوت كاميليا باسم حَبيب تهتز أوتار قلبى عند سماع أحرفه الثلاث، "وَرد" لم تَذكر أختى أمامى أبدًا أنها تعرف أحدًا بهذا الإسم، أحيانًا عندما نتشارك الغداء تثرثر ذاكرة لى ماذا فعلت" دينا" وماذا أكلت" رُفيدة" وتفاهات فتيات لا أكترث إليها، لكن مَن وَرد ؟!

أيعقل أن تكون هي، أيعقل أن تكون مَن احتلت الفؤاد، وَسكنت الروح بذكرها، أيعقل أن تكون وَرد تلك هي وَرد.

دَقت المعازف داخل فؤادى، وتلاحقت أنفساى و حاولت إختلاس النظر إلى مَن تنادى عليها أختى، لكن لَم أستطيع أن أُحدد ملامح الفتاة بشكل كبيرة، نادتها كاميليا أربع مرات فى كُل مرة تعلو نبرة صوتها شيء فشيء، لكن لم تلحظ الفتاة  نداءاتها، فهَرولت حيث الفتاة، وكان على عينى ألا أتوجه إلى حيث هُم، لكن قد قاربت الثامنه والنصف، وكالعادة أتماطل عن معاد عملى بسبب توصيل البلهاء كاميليا.

وَصلت أخيرًا بسلام إلى مكان عملى، كانت الأفكار والذكريات تتزاحم فى عقلى طوال الطريق، حَتى أننى كدت أقترب من حادثين متتاليين لولا كَرم الله ولطفه.

تَعرف، اللعنه على الحب واللعنه على مَن يحب واللعنه عليها....لا، اللعنه على الدنيا وما بها، أما هي فتمكث بسلام تَهدى لها الحياة وَرد يشبهّا ويشبه قَلبها.

_بشمهندس أصيل، لوسمحت أستاذ عادل عايز حضرتك فى مكتبة

بعدما سمحت لطارق الباب أن يدخل، جاء صَوت أحد الفنيّن قاطعًا  حَبل أفكارى، مذكرًا لى أنه جاء معاد كل يوم، نفس الإسطوانة التى قَتلتها الشَرخ  ونفس الجُمل التى حفظتها كما أحفظ جمال مَلامح "وَرد" يظل يثرثر ويثرثر بدون جدوى يبدأ ثرثته الغبية، ثُم أَتولى أنا قيادة الحديث مُذكرًا له أننى امتلك أخت وَجب عليّا أن أهديها حقوقها، هي تطلب منى بإلحاح توصيلها لجماعتها لأنها تخشى السيارات بل تَخشى وسائل الموصلات أجمع منذ الحادث الأليم الذى أخذ أبى العزيز.
_بشمهندس أصيل حَضرتك معايا؟!

قالها حُسنى، فقلتُ وأنا ألتقط بعض الأوراق من أحد أدراج مَكتبى:

_تمام يا حُسنى، أنا جاي وراك حالًا.

أومأ برأسه وانصرف،  تقدمت بخطى ثابتة واثقة إلى مَكتب المدعو  عادل، أجهز ما سألقيه على مسمعه، بعد حوالى ثلاث دقائق كُنت وصلت إلى وجهتى، طَرقت الباب ثَلاث، ثُم سمعته يقول بصوته الفظ:

_اتفضل.

فتحت الباب وأكملت خطواتى الثابته حتى مكتبه وَقلت بثبات:

زَنجبيل (جَارى تعديلها )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن