تَزوجت «ورد»
أجلس أمام مَكتبى، واجم الوجه، شارد الذهن، وَغريب عن الدُنيا، تَشعر بالغربة عندمَا تَهجر الوطن، وأنا قَد هَجرنى وَطنى دون سابق إنذار، بدون أدنى تَبرير أنها ستذهب وَتلقى نفسها بين ضُلوع رَجل غَيرى_وَغده
كَلمة خَرجت منى دون وَعي، لَم يعد يَحمل الجَسد عَقل، وانسكب الوعي، ولا يتردد داخلى سوى سؤال واحد "لماذا؟" ، "لماذا يا ورد؟ "
الساعة تُقارب الثانية والنصف ظُهرًا ، أجلس فى أحد المقاهى الهادئة على النيل، أنتظر «محمود»، لأول مَره أشعر أننى لا أستطيع التحَمل، لا أقدر عَلى حَمل ذلك العبء الثَقيل، عَقلى مُعطل، وَقلبى لا يَستحى مِن الألم، وأنا أود لو أصرخ، تَمنيت للحظه أن تَظهر أمامى مِن العدم لأسألها : كَيف لكَ أن تَؤذى فُؤادًا لم يتمنى سوى سَعادتك، فؤادًا صاحبه تَمنى أن يُكرس حياته لكَ فقط..
رنين الهاتف المُزعج، لَم يَعد مزعج لأنه إنتشلنى مِن عثرات تَفكيرى، سَحبت الهاتف من على المنضده وَأجابت بصوت مُتحشرج:
_ألو ؟
جاء صوته قائلًا:
_أنا وصلت إنتَ فين؟
قُلت عَلى مَضض:
_أنا على الكراسى اللى ناحية اليمين قدام الكُورنيش بالظبط
فَرد:
_آه آه.. خلاص شوفتك
ثلاث دقائق ولمحتُ طيفه أمامى، مَلامحه يَظهر عليها على القلق، نَظر لى ثُم إلى قهوتى التى لم أرتشف منها أي رَشفه حتى بردت وقال مواكب جلوسه:
_فى ايه يا أصيل؟ قلقتنى
رميتُ بظهرى على الكُرسى وَقلت بصوت مهزوز وعين مصوبه نحو عينه:
_ورد إتجوزت.
ظَهر على وجهّ علامات الدهشة وقال:
_وَرد مين؟
ولم يدعنى أرد وتابع:
_وبعدين ماتتجوز ولا تغور فى داهيه، انتَ اللى تاعبك
قُلت بوهن:
_أنا و ورد كُنا بنحب بعض
****
_يعنى بنات نَجعك ومحافظتك وبلدك كلهم خِلصوا، عشان عايز تتجوز فرنجية؟
أغمضتُ عينى على مَضض وقلت مُحاولًا إمساك زِمام الأمور:
_يا بابا إفهمنى لوسمحت
قاطعنى بغضب:
_بلا بابا بلا زفت، مِن ساعة مادخلت المَخروبة الجامعه واتعلمت لغه الفرنج وانعوج لسانك وانتَ حالك كُله انعوج
لم أستطع أن اتمسك بغضبى وَقلت:
_كُل ده ليه يعنى، عشان بقولك أنا عايز أتجوز