"إلـى مَتى".سَمعت صوته وصَوت خطواته قادمة نحوى بنبرته الخَشنة التى لا تَظهر إلا معى وحدى، يضيف_البت_قبل اسمى دائمًا اذا نادانى، أعيش معه منذ كنت طفلة لا تفقه شيء عن الدنيا ولم ينطق اسمى دون أن يسبقه بكنيه قط..
إنه اخى، باسل عادل أمين
وضعت شعرى القصير وراء أذنى ولبست نظرتى الطبية الدائرية التى لا أرى غير بها وفجأة فَتح باب الغرفة وكأنه يصارع الباب، ثم بَحث عنى بعينه فوجدنى أجلس خلف مكتبى، فتقدم نحوى وقال بنبرة جامدة:_هاتى الفيزا بتاعتك
فقلت:
_ليه؟
فَعلت نبرته وقال:
_انتِ تنفذى اللى بقوله من غير ما تنطقِ حرف واحد.
فنَظرت له بعيون دامعة وقلت:
_بس يا باسل أنا مش معايا فلوس تكمل أخر الشهر حتى.
فقال:
_مش مشكلتى.
فقلت:
_بس دى فلوسى أنا، مش ذنبى انك بتخلص فلوسك كل أول شهر وبعدين انت عندك كذا دخل و...
قاطعنى قائلًا بنبرة جوهرية:
_بقولك ايه، ماتفتكريش إن البوقين دول هيعدوا عليا، انت امك فتحالك حساب فى البنك وبتمولهولك كل أول شهر، ولا العز لخطيبك النصاب اللى ضاحك عليكِ بكلمتين عشان فلوسك
تَبع كلامته بنبره أعلى قائلًا:
_اخلصى هاتى الفيزا بدل ما اجبها أنا بطريقتى.
فتحت الدُرج الأيمن فى مكتبى وأخذتها ثُم أعطيتها له بعيون أسفة أن هذا أخى الذى من المفترض أن يشدد الله به عضدى
أخذها وانصرف.لم تَكن علاقتى بباسل على أفضل حال يومًا، انفصل أبى عن أمى عندما كنت فى العاشرة من عمرى تَقريبًا، أخذ أبى أخى وأخذتنى أمى وكأنهم يتقسامون شطيرة ما، وكان أبى يأتى بأخى ويتردد لزيارتى من وقت لأخر، وهكذا تفعل أمى، حتى أتممتُ الخامسة عشر وقررت أمى أن تتزوج فهددها أبى بأخذى فلم تكترث ولم تَطرف لها عَين وتزوجت وسافرت مع زوجها لخارج البلاد، وأخذنى أبى، كنتُ مهمشة وقتها لا علم لى ماذا يجرى فى حياتى
ولكننى كالعادة واكبت الأمر، كنت أرى الكُره جليًا فى عيون باسل، وكان يظهر أيضًا فى معاملته، كانت أمى تعوضنى غيابها بإرسال النقود إليَّ دائمًا، وكان أبى يحسن معاملتى عن باسل إلى حد ما، فكان دائمًا يقارنه بزملائه خاصة "أصيل عابدين" فلم يتركه يحرر موهبته أو ميوله أو يتركه يأخذ قرار يخص حياته يَومًا.
باسل يكره أمى لأنها تركته
ويكره أبى لأنه لم يتركه
ويكرهنى لأننى أجمع رائحتهما**
_واقفة مع ضيف جديد يا معتصمقلتها رادة على سؤاله وتابعت: