_سَرحتى فى ايه يا وَرد.
خَرج صَوت مُعتصم ليخرجنى من عَثرات تفكيرى، ومعاتبة تفكيرى لذاك القلب الذى لا يملك له مثقال ذرة من حُب رَغم ما يَبذله من جُهد لأجلى، يَرى سعادته فى إسعادى، إنه يُكَرث حياته لضخ الفرح فى أيامى، ومع ذلك قَلبى حَجر لا يستطيع أن يمنحه ولو ذرة مما يكمن فى قلبه لى، ربما لأنه لا يَعرف النسيان، ولم ينسى مَن جال بدربه ذات يَوم، لَم ينسى "أصيل"، لَم ينسى حُب العمر، وإنها القلوب يا رفيق هي مَن تسود وتمسك لجام الجسد، أما الجسد لا حول له ولا قهوة أمام قلب بات عاشق.
أغمضت عينى على مَضض وَقلت:
_ولا حاجه يا مُعتصم.
وَهممت للوقوف وأردفت:
_هَروح أحضرلك حاجه تأكلها، زمانك ميت من الجوع.
فضحك وقال:
_الحقيقة أنا هموت وأنام، تَخيلى من ساعة ماسفرت ما نمتش ساعتين حَتى على بعض.
فقُلت:
_ليه كده؟فابتسم وقال:
_الشُغل يا ورد، جوزك بعون الله أول مهندس يتوظف من مجموعة المتدربين فى الشركة، دا كان هدفى أصلًا أول ما وصلت، خدت عَهد عَلى نَفسى إنى أقتل نفسى فى الشغل عشان أرجع وانا مبسوط من نفسى ومحدد وجهتى وبانى مُستقبلنا ومُستقبل ولادنا إن شاء الله.رَقصت البسمة عَلى ثَغرى الخمرى وَقلت:
_انت جَميل قوى يا مُعتصم.
ضَحك وأردف:
_أجى ايه جمب جمال الورد يا وَرد.
اتسعت إبتسامتى وأطرقت رأسى خَجلًا كالعادة فقال جملته الشهيرة:
_الورد هيفضل مكسوف، وأنا هنا والله بدوب.فظهرت نبرتى التى تكاد تَظهر وقلت مشيرة لوجهة للمطبخ:
_هَروح أحضرلك الفطار، ماتنمش لحد ما تأكل حاجة.
فقال بإبتسامته الجذابة:
_حاضر يا ست وَرد
كانت قد قاربت الثامنة والنصف صابحًا تقريبًا، لا أعلم كيف يَمضى الوقت بتلك السرعة، رُبما يَطير ، أو ربما يُستغرق فى التفكير وحالى فى المستقبل الذى يتحدث عَنه، فلو كُنت أريد شيء، فما أريد إلا أن يهرول المستقبل أو ربما يأتى جاريًا لأراه وأحدد وَجهتى وأرى الراحة بعينين.
لكن، أي راحة لشخص خائن، لشخص يخون من يمنحه الود والحب، يخون شخص يهدى لروحه الورد، ويُغَنى على أوتار أيامه بكلامه العذب، ماذا أهدى وماذا أفعل لأرد الجميل، ولا شيء...
وكل شيء لا يحمل ولو جزء مما يفعله مُعتصم لى، لكننى غَريب تائه فى دنيا ليست لى، لم يكن بيدى شيء، فجأة وَجدت نفسى عروس تَتزين لغير من عشقه قلبها المسكين، والأغرب أنها وجدت الصدفة التى جالت بدربها أجمل الصدف، شَخص لم يُخلق عبثًا، شخص امتزجت طينته بالنور.