لَا بأس ببعض الدُموع

42 5 1
                                    

كان شَيخ عَفا عليه الزَمن، يبدو  عليه الوقار، اشتعل الشيب فى رأسه وابيضت لحيته الكَثَّة، يَجلس على الأريكة الموضوعة فى شرفة الخالة مُهجة، يَرتشف الشاي بالنعناع وَيستمع للألحان العَصية، حينها خناتنى كلماتى وَسألته مَن هو بدون تفكير.

فَنظر بدهشة وَقال:

_طب فى حاجه اسمها السلام عليكم الأول

فقلت بارتباك:

_أسفة، أنا بس إتفجأت من وجود حضرتك و..

قاطعنى قائلًا:

_ايه هي تحية الإسلام

فقلت كتلميذ سُئل  للتو عن معلومة يُتقنها:

_السلام عليكم.

فقال وهو يهز وجهه فى رضا :

_وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته.

فنظر صوب عينى وأردف:

_أنا جدك سمير أبقا ياستى حَما مُهجة

ثُم أخفض صوت المذياع الذى يصطدح بكلماته ونغماته العَصية لكنك لوهله تجهل عصيانه وتتماشى مع ألحانه ليرقص بداخلك شعور غَريب عن روحك، وقام  يتكئ على الأريكة ليصل إلى الفنجان الفارغ أمامه وقال:

_تشربى شاي ؟

فأومت برأسى بنعم مع إبتسامة بسيطة زينت ثغرى الخمري وتابعت بنظرى جسده الهزيل وهو يضع محتويات المشروب فى الكأس ثُم أضاف ورقتين نعناع اخضر وَ هَم بخطوات أثرت عليها شيخوخته وَمد يده نحوى بالكوب فرفعت جسدى لألتقط الكوب من يديه، وَقلت:

_أجمل حاجه حصلت المسافه البسيطة اللى بين البلكونات.

فابتسم وارتشف من كوبه فى هدوء، ارتشفت رَشفه من كوبى وقلت:

_الله؛ ايه العظمة دى.

فاتسعت ابتسامته فظهرت أسنانه التى عفا عليها الزمن والأخرى التى هاجرت فمه لمكان غير معلوم وقال بوجه بشوش:

_عَجبك؟

فقلت:

_عظمة على عظمة، أحلى كمان من اللى الست مُهجة بتعمله.

فابتسم مُجاملًا ونظر إلى اللاشيء أمامه:

فقلت متسائلة:

_هي فين صحيح؟

فقال :

_جوه، نايمة شوية.

فاومأت برأسى فقال:

_ما قولتليش اسم الكريمة ايه؟

_فقلتُ:

_اسمى وَرد، وَرد غريب يا حج.

فقال:

_اسمك جميل يا ورد.

فابتسمت وهَمست فى ود:

زَنجبيل (جَارى تعديلها )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن