part:4

16 7 0
                                    

جميل المقهى من الداخل، كل شيء فيه قديم
من الزمن الأصيل، أُعجبت بكل شيء فيه
كان هناك دور ثاني تسللت إليه حتى لايراني أحد الشباب العاملين في المقهى، المكان جميل جدًا،
ربما لا يعجب الأشخاص الذين يميلون للأشكال الجديدة
ولكنني أعجبت فيه كثيرًا، أنا التي أميل للأشياء القديمة
أغرمت فيه، يحتوي على ثلاث غرف ومطبخ وحمام ـ يكرم القارئ ـ فقط صغير جدًا، ولكنه جميل تجولت فيه وكأنه منزلي، وقفت بالقرب من النافذة وأنا أرى جميع من يأتي لهذا المقهى كبار السن، ليس هناك الكثير من الشباب، تسلل لمسامعي صوت أذان الظهر
توضأت على عجل وأنا أترقب الباب خشية أن يدخل أحدهم ويجدني، صليت وأنا لازلت أرتدي عباءتي
وحين انتهائي من الصلاة رفعت كفيني وأنا أناجي الله،
أدعوه بملء قلبي، أتعبني كل شيء
دعيت أن أجد ابنتي،
أن أجد زوجي
أن أعيش حياة هادئة، أن أعيش بدور زوجة وأم فقط،
لا أن أكون أم وأب، لا أن أتدبر أمور المنزل
كل شيء متعب في هذه الحياة،
صعدت للسطح،
هناك غرفة صغيرة مليئة بالملابس المبعثرة
أشياء كثيرة، ولكنها ستسعني إن أردت النوم فيها
...
مضى الوقت ببطى شديد، كنت أترقب أي صوت يداهم الجزء العلوي من المقهى، بقيت في الغرفة العلوية
القريبة من السطح، في الساعة التاسعة ليلاً داهم المكان
مجموعة شباب، لم أعلم كم عددهم،
نظرت فقط من رأس السلالم، ابتعدت قبل أن ينظر أحدهم إلى الأعلى، قد انتهى شحن هاتفي
ولا أعلم أين أعيد شحنه، كنت سأهاتف سُهاد
استغيثها، أخجل منها كثيرًا ولكن ليس لي أحد غيرها.

طرقات الباب أفزعت رِذاذ،
استقامت بثبات وتقدمت من الباب وفتحته ووقفت أمامه،
أشار لها باصبعيه أن تدخل للداخل، وهو يثبت هاتفه على أذنه ويهاتف أحدهم دخل البيت وأغلق الباب خلفه
وقف قريب من الباب للحظات حتى أغلق هاتفه وأدخله مخبأه، تقدم من أم رِذاذ قبل رأسها وهمس باعتذار عما فعله قبل، فهي خالته زوجة والده الأولى
ركز بنظره على رِذاذ التي ترمقه بنظرات حقد على تصرفه مع سُهاد
ــ مرة اخرى ان فتحتي الباب لاتقفِ أمامه، عرضة للجميع
ــ لا أحد يمر في هذا الوقت
ــ وهل تعلمين أوقات مرورهم؟ ... قد يحدث تصادف
حذاري أن تقفي مرة أخرى هكذا
ــ حسنًا ... هل تشرب قهوة
هز رأسه بالتأكيد
لم يهتف لأنها تعلم جيدًا كم هو إنسان مُحب للقهوة العربية،
عادت وهي تحمل فناجيل القهوة لثلاثتهم
ناوتله القهوة ليجتذبها وهو يرمقها بنظرات شك
تعلم جيدًا أن بعد هذه النظرات كمية اسألة لامُتناهيه
بعد أن ارتشف القليل من قهوته وضعها أرضًا
وسألها
ــ ماعلاقتك بالفتاة الغريبة
ــ سُهاد ... اسمها سُهاد
ربما ابتسم داخله، حتى أن نبضات قلبه تسارعت على غير عادتها.
ــ أيًا كان ...سؤالي ليس على اسمها بل على علاقتکِ بها
ــ ارتاح قلبي لها فقط... هذا كل مافي الأمر
ــ كيف ترتاحين لها ياهذه ...متى عرفتيها ...بالأمس؟
ــ لا أعلم ولكنه لا يتضح أنها مُتحايلة أو استغلالية أبدًا.
هز رأسه وهو يحذرها من أن تأمن أحدهم،
وعدته أن لاتثق بأيًا كان
بعد خروجه صعدت لحجرتها، توجهت للدرج الذي يضم صور كثيرة وملفات
أخرجت تلك الصورة،
تأملتها للمرة الألف، صورة فتاة طويلة القامة ببشرة حنطية ومقلتين بلون البُن اليمني، بملامح جذابة جدًا
ترتدي ملابس قروية، تدل على انها ابنة قرية
كانت ترتدي فستان ساتر منقوش بورود صغيرة
كانت مبتسمة، بالرغم من أن الشمس قوية ويتضح أنها تحرق من تحتها، إلا أنها بدت جذابة جدًا تحت تلك الشمس، لأن عينها اليسار تعرضت للشمس حتى تحول لونها من لون البُن للون العسل، عين بلون العسل تحت الشمس والعين الأخرى بلون البُن،
هذه الفتاة التي في الصورة
هي ذاتها سُهاد هي متأكدة
العيون، الابتسامة، ولون البشرة،
ربما أيضًا نفس القامة
أو إنها أزدادت طولاً وأزدادت نضجًا.

قلبت الصورة للخلف، حتى يتبين لها تلك الحروف
المنقوشة بخط اليد،
هجروا الديار و تركوني حزين
بعيداً سرحت بنا أقدامنا
فأين ياقدمي في السير تجريني
مللت العزف بوتر صامت
يثير الشجون و يجعلني سجين
كفى يا زمن عبثاً بحقنا
ـ ميمونة الحامد ـ
قرأتها للمرة الألف، هي لاتعلم لمن تهدي سُهاد هذه الأبيات، ولكنها تشفق عليها وكثير، لم تسمع قصتها كاملة ولكنها تعلمها بالمختصر،
خبأت الصورة بسرعة بعد أن سمعت صوت فتح الباب
أطلقت تنهيده خفيفة بعد أن رأته كيان ابنها
ابن السبعة أعوام،
ــ كيان للمرة الألف أقول لك يجب أن تطرق الباب قبل فتحه.
بعد أن أطرق رأسه خجلاً من والدته هتف بهدوء
ــ أعتذر يا أماه لقد نسيت ذلك
ــ قبلت اعتذارك
ـ قالتها بابتسامة حتى لا يبقى لائم لنفسه ـ
تقدم منها وعانقها بشدة
وعاد يسألها سؤاله المعتاد
ــ أين والدي؟... منذ خمسة أشهر لم أراه
ــ بني ... والدك أصبحت لديه حياة جديدة مع زوجة أخرى وأبناء آخرون.
ــ هل سأبقى من غير أب؟ ... هل أنا يتيم؟
ــ أنا لك الأم والأب والأخ والأخت
هل أنا أكفي؟
هز رأسه وهو يبتسم لها ببرائة
ــ نعم تكفيني وكثيرًا جدًا، أنتِ كثيرة على قلبي
هل تعلمين يا أماه
ــ أعلم يا ابن قلبي
بعد أن قبلت خده أمرته أن يذهب لجدته ويبقى معها،
بالرغم من أن كيان صادق في أنه يتيم،
هي تؤمن بأن اليتيم هو الذي يعيش بدون أب
سواءً كان والده على قيد الحياة أو مُتوفى،
نفضت الأفكار من رأسها فكيان لايحتاج
إلى ذلك الخائن، رجل لايعرف تدبر أمور حياته.

على مَن المًلام يا إيلامُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن