part:11

14 5 1
                                    

أدهم
أخرج هاتفه وضغط على الأزرار لينتظر رد الطرف الثاني بقلق،وبعد عدة رنات أتاه صوت غليظ بخليط من الودية
ــ أهلاً… لقد هاتفتني بالأمس …هل اشتقت إلي؟
ــ بالطبع لا… ماجد أريد منك حماية سُهاد
أنا مشغول جدًا هذه الفترة ولا استطع حمايتها
ــ هل لازال مصر على الانتقام؟
ــ نعم ومن يزيل إصرار حسام إن وضع شيء في باله
ــ المسكينة لا ذنب لها في ذلك
ــ هذا ما أريد أن يفهمه حسام ولكنه مازال تحت تأثير حقده
أغلق هاتفه بعد أن ودع ماجد وأكد عليه أن يكن حذرًا
فهو لا يأتمن غدر حسام قد يباغتهم في أيةً لحظة
أكمل سيره في الخارج وهو يفكر فيها، ألف مرة حاول اخراجها من باله ولكن عقله يريدها في كل لحظة
تهلكه بالتفكير، تفكير لا معقول،
في كل مرة تأتي على خياله يذكر عقله بأنها امرأة متزوجة يحاول جاهدًا ألا يتعدى حدوده حتى بالتفكير
ألا يتعدى بالنظر إليها، فهي لاتحل له، حتى لو كانت في ظروف غير هذه ولم تكن متزوجة ستكون لاتحل له
لا يحل له النظر إليها فليست من محارمه
ولكنه يتأمل أن يأتي يوم وتكون زوجته
أن تكون تحت امرته، أن يكون والي عليها
وأن تكون ملك له، أن يمتلكها بكل مافيها
أن يسيطر على تفكيرها كما فعلت هي الآن به
يشعر بأنه سيصرخ بملء فاه حتى تخرج من تفكيره
عاد إلى الشركة ببطئ، ليصادف حسام يحوم أمام الشركة ممسكًا بهاتفه ومثبته على أذنه ويبدو أنه يهاتف أحدهم، كشر على أنيابه بقهر وهو يحاول ضبط أعصابه كي لا يفلتها على حسام هاهنا، يجب عليه أن يكون هادئًا  أكثر من اللازم.


سُهاد
سئمت من هذا المتعجرف أمامي لم يبقى عندي صبر
كيف له أن يتعالى بهذا الشكل، كل ما في الأمر أنه مجبر على أن يعلمني وظيفتي، ولكنه يبدو أنه لايرغب بمغادرة هذه الوظيفة، شعرت ببعض الضيق
لايُفترض أن أبني سعادتي على تعاسة غيري
وأن أمنح نفسي فرصة عمل بينما يُحرم منها غيري
أشعر بأنه أحق فيها مني
بالرغم من أن لا ذنب لي،
أدهم من قرر هكذا قرار، على العموم سيمنح وظيفة أفضل،
أنتظرته كثير ولكنه لم يأتي فقد أتته مهاتفة من أحدهم
وخرج يجيب بالخارج، لم يصيبني أي فضول
قررت أن أتجول قليلاً خارج الشركة
أشعر بضيق واختناق، لم تعد الأماكن تسعني
فإن الضيق بداخلي مهما اتسعت الأماكن حولي
ومها كان رحابها متسع، سأشعر بذات الضيق
وأي أكسجين يرضيني وابنتي مفقودة
إنني أتنفس هواها،
أين أنتِ يا إيلام،
يحنقني أنني ظلمتها، فإنها لاتعرف اسم والدها
كنت سأسميها آلام، ولكنني في اللحظة الأخيرة تراجعت وخشيت أن يكون لها نصيب منه كمان كان لي نصيب من اسمي، وأخبرتها دائمًا أن تجيب على من يسألها عن اسمها بأن تقول له(آلام سُهاد)
هي الألم والدواء
جمعت آلامي لأمنحها إيلام
حُرمت من والدها، والآن حُرمت من والدتها
أي حياة ستعيشيها يا ابنتي
إذا هذه هي بدايتکِ، كيف ستكون حياتکِ؟
يبدو أنها ستشقى معي
كما شقيت أنا،
لعنت محمد في داخلي، عديم المسئولية
لن أسامحه،سأبحث عنها قبله هو
دخلت مكتبة متوسطة الحجم
نظرت إلى الطابعة بتأمل، هي ما أقصده من هنا
أدخلت كفي في جيبي وأخرجت صورة إيلام
ــ أريد مائة نسخة من هذه الصورة
ــ آآ… ولكنه يأخذ بعض الوقت
ــ لا بأس في ذلك، سآتي بعد ساعة هل تكفي؟
ــ نعم بالتأكيد
خرجت من المكتبة الأمل لازال بداخلي ينبض
يالله ابنتي لا يصبها سوء.

….
أدهم
دخل مكتبه في نفس الوقت الذي أنهاء فيه صُهيب مكالمته ودخل مكتبه على نهايتها،
تراجع أدهم حينما تنبه على عدم تواجد سُهاد
ــ عساه خيرًا أين سُهاد؟
ــ لا أعلم أتتني مكالمة وخرجت وللتو أنهيتها
ــ كيف لا تعلم؟  أنا تركتها في أمانتك
ــ ولكنها ليست طفلة هي امرأة كبيرة وبالتأكيد لن أبقى أراقبها
شد على أسنانه بغضب
ــ ولكنني قلت لك لاتدعها تخرج من المكتب إلا بعد أن تخبرني، كيف لك أن ترتكب غلطة كهذه
هتف صُهيب بسخرية
ــ مامدى عظمة هذه الغلطة ياترى؟ …لم أفهم ما الغلط إن خرجت سُهاد
ــ لا شأن لك بذلك…هذا التحذير الأخير لن تدعها تخرج من المكتب دون أن تخبرني
كانت آخر جملة ليتحرك باتجاه مكتبه دون أن ينتظر أي كلمة من صُهيب، قد بلغ منه الغضب مابلغ
أخرج هاتفه وهو ينوي مهاتفتها، ضغط على هاتفه بغضب وتراجع عن قراره
ستفهمه بشكل خاطئ لو هاتفها
سينتظر إلى حين عودتها
وإن لم تعد لن يكون هادئ مع حسام، وسيعلن عليه الخصام

مر الكثير من الوقت ولم تأتي، بقى على حافة الجنون
ماذا إن أقدم حسام على خطوة،
ماذا إن أقترب منها الأذى
لا يصدق أنه بهذا السرعة سيقدم خطواته،
ولا يصدق أنه لم يقوم بحمايتها بما يكفي
يمشي ذهابًا وإيابًا في ذلك المكتب واسع النطاق
يشعر بعد الطمأنينة كما وكأن شيء يُسلب منه دون أن تفيد المقاومة، عض شفتيه وركل الجدار بقوة
حت كادت رجله تتحطم، ماذا عليه أن يفعل الآن
أخرج هاتفه ليهاتف ماجد، ولكنه لم يجيبه
بدأ يقلق
حاول مرة ثانية وثالثة ولم يجيب،
رمى هاتفه بإتجاه الجدار ليتحطم ويتقسم إلى أجزاء
لا يتحمل أكثر سيخرج وسيبحث عنها،
خرج من المكتب بسرعة وهتف بجملته لصهيب دون أن يلتفت
ــ لن يكون هناك اجتما ستلغيه
ــ ولكن…
لم يهتم لما كان سيقوله صهيب
سارع بخطواته ونظر إلى تلك الساحة الواسعة
لايوجد لها أثر،
أين هي، تلك المغفلة لاتفهم ما يجري حولها
اتجه إلى منزل خالته محتملاً تواجدها فيه
ربما قررت زيارة خالته بما أنها قريبة
طرق الباب عدة طرقات لينفتح وتظهر من خلفه
خالته المبتسمة ذات الوجه السمح
رحبت فيه ولكن لم يكن له الوقت ليدخل بل سألها أمام الباب إن كانت سُهاد بالداخل أو لا لتصدمه حينما أجابته بأنها لم ترها منذ ثلاثة أيام
أين هي إذًا؟
طمئن خالته كي لا تقلق عليها وغادر المكان بغضب
ــ إياك يا حسام إياك
كيف يتوصل إلى حسام الآن وهاتفه محطم في الشركة
وأين يبحث عنها الآن؟


صهيب
بعد أن غادره أدهم، شعر بالقهر من حركة أدهم دائمًا ما يشعر بأنه يستنقصه، ماهذه الحركات المُتعالية
كيف له أن يلقي بكلمته ويذهب
لو تريث قليلًا ما كان سينقصه شيء
تذكر ذات مرة كان يبدو على أدهم آثار غضب
دخل الاجتماع وهو على حافة الإنفجار،
وحين فتحه للملفات وجد بعض النقص فيها
ليفرغ غضبه في صُهيب ويهزأه أمام الحاضرين
كتم صهيب غضبه، كان يحتاج وظيفته بشدة
كانت هي أمله في أن يدفع عملية والدته
هو بالفعل أستطاع فعل ذلك
ولكنه ألقى بنفسه تحت أقدام أدهم ـ كما يعتقد ـ
أدهم مغرور وجدًا، وهو رجل يهتم لحقوقه
وليس لأدهم أدنى حق في أن يهينه أمام الحاضرين أو يفرغ غضبه فيه، كان يستطيع أن يعاقبه بطريقة أخرى لاتهينه أبدًا، كان كتم غيضه أصعب شيء مر عليه في حياته إلى هذا الآوان،
ــ صعب جدًا أن تكتم غيضك في وقت أنت تُهان وغلط جدًا أن تصمت وتتغاضى عن حقوقك حتى وإن كانت ثمنه أحد أفراد عائلتك
رزقك ليس في يد من يهينك بل بيد خالقك،
كانت هذه الكلمات ماتوجهت له من شخص عابر
أصبح بعدها صديقه المقرب، سيفعل أي شيء لهذا الصديق لمجرد أنه

على مَن المًلام يا إيلامُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن