جلست بأريحية وكأنه لم يتوجه إلي بتهمتين
ــ الطفل كنت أدافع عن نفسي، والمقهى لا شأن لي
بأعمالهم.
ابتسم بسخرية ونادى أحد العساكر ليجلب اثنين من الشباب،
ركزت بنظري على ذلك الشاب الذي ركلني آنذاك
سألهم حسام عن علاقتها بالمقهى ليجيبوا جميعهم بأنها
متشاركة معهم في التهريب،
لا أعلم لِمَ يحقدون علي إلى هذا الحد
لا شأن لي بأعمالهم، ولكنني واثقة بأن ليس لي شيء بينهم، أرتخت ملامحي وابتسمت بعذوبة
ــ هل يدخل المرء امرأة في أعمال تهريب المخدرات وهو لا يعرفها؟
اسودت ملامحهم وراق لي انخطافها
كان واضحٌ جدًا اعجاب حسام بكلامي الذي ظهر على ملامحه أشار لهم بأن ينصرفوا ولكنني أوقفتهم
وتقدمت من ذلك الشاب البغيض وركلته بقوة
لينحني متألم ويشتمني بعصبية،
وقف حسام بتعجب بينما كان الشاب الثاني يقهقه بإعجاب، هتف بنبرة ضاحكة
ــ أعجبت بکِ… لاتتركين حقك
أقترب حساب ووقف أمامي ونادى العساكر ليصرفوهم
…
في تمام الساعة 12 ظُهرًا:
غرقت في بحر الأوهام، غفت عيني لثواني لأصحو بعدها برعب وبخيبة أمل جديد هذه المرة الألف التي تزورني بها إيلام في الحلم، عانقت طيفها بشدة
كأنها تعلم مدى شوقي إليها فتزورني بإحلامي
ولكنني لا أريدها هكذا، أريدها حقيقة
فطيفها لا يطفئ شوقي بل يزيد ويزيد خيبتي
أصبحت أخشى أن افقد الأمل برؤيتها ولقائها،
أصبحت أخشى أن لا أرى سِوى طيفها،
نظرت إلى الثلاثة الجدران حولي ورابعهم الحديد
الوحدة هنا أشبه بالموت، كأنني في قبر واسع
كما يرونه، بعكس رؤيتي له فإنني أراه أضيق من القبر
هذا لأني أراه بقلبي ولأن قلبي قد ضاق بما يكفيه
لاشيء قد يسليها في هذا المكان سِوى القصائد والشعر
بدأت تردد أبيات من قصيدة لكاتبها المفضل
ـ محمود درويش ـغريبٌ على ضفة النهر , كالنهر
... يَرْبِطُني
باسمك الماءُ . لا شيءَ يُرْجعُني
من بعيدي
إلى نخلتي : لا السلامُ
ولا الحربُ .
لاشيء يُدْخِلُني في كتاب الأَناجيلِ .
لاشيء...
لا شيء يُومِضُ من
ساحل الجَزْر
والمدّ ما بين دجْلَةَ والنيل .
لاشيء يُنْزِلُني من مراكب فرعون.
لاشيء يَحْملني أو يُحَمِّلني فكرةً :
لا الحنينُ ولا الوَعْدُ .
ماذا سأفعل ؟
ماذا
سأفعل من دون منفى ,
وليلٍ طويلٍ
يُحَدِّقُ في الماء؟كان واقف أمام تلك الحدائد اللعينة، التي أحتجزت
امرأة في مقتبل عمرها، هي لم تثبت عليها التهم لذلك هي فقط في التوقيف، ولم يتم سجنها سمع ترديدها للقصيدة، كيف أنها تتمتع بصوت ساحر يجذب كل من استمع إليه، كيف أن لها نطق للأحرف بشكل خاص،
…يخصها وحدها، كيف أنها تنطق القصيدة بنبرة حزينة
ربما تقصد ذاتها بأنها بلا منفى، يتضح أنها علقت بالمنتصف، لم تنتفي من هذه الحياة ولم يُعترف بها
لم يخفى عليه جمال صوتها آنذاك
ولكنها تخفيه بشكل مُجاهَد فيه كي لا يصبح صوتها
متنغم متنغج فيه، كانت تخفي جمال صوتها وهي تخفيه
ولكنها الآن بمفردها بلا رجل أمامها لذلك أخرجت جماله
بإلقائها للقصيدة، غصب عن قلبه شعر بالغيرة لو أن أحد غيره سمع صوتها، وكالعاد استشاط غضبًا واتضح على ملامحه الحادة…
تنبهت على أدهم وشعرت بالخجل والخوف من أنه
استمع لصوتي وأنا أتنغم فيه، لاحظت حدة ملامحه
ياله من رجل بغيض، لم أراه متبسمـا مترنما
شتت أنظار، ونظرت لكل شيء عداه
لم يلقِ السلام أبدًا
هتف بصوت حازم
ــ ستقابلي المُحامي …
ــ لا أريد
ــ ما الذي لاتريدينه
ــ لا أريد محامي
ــ وهل تظنين أنك ستخرجين بلا محامي
ــ لا… لا أريد الخروج … أُعجبت بالمكان إنه هادئ وخالي من الشوائب
قهقه بإعجاب لقولها
هنا المكان خالي من البشر، لذلك هي بالتأكيد تقصدهم بالشوائب، وربما تقصده على الأرجح لأن أكثر من يزعجها.
تفاعلكم🤝🏻
أنت تقرأ
على مَن المًلام يا إيلامُ
Mystery / Thrillerفي حين اختفاء زوج سُهاد تراكمت عليها الديون، طُردت من المنزل الذي كانت تسكنه،تمسكت بعصا الترحال وسافرت إلى المدينة للبحث عن زوجها المفقود برفقة ابنتها الوحيدة، ولكن ما الذي ينتظرها في المدينة؟